علي الطراونة يكتب : دكان والدي !!
ربما كنت ابحث عن ذاتي عندما ذهبت هناك الى شارع قريتي العتيق الملم ما مر في ذلك الشارع من ذكريات للاهل الطيبين تسوقني خطاي لاتنسم رائحة والدي وبقالته العتيقة لاعود الى اجمل سنين العمر برفقة رجل يستحق مني اكثر من الحب واقوى من العشق !!
عندما نظرت الى "دكان والدي " ورغم الهجر الذي تعانيه وشعورها بفقدها للشخوص الا انني رايت فيها عمرا باكمله ، مرت علي انفاس "الطوابين " وصوت "النساجات " ورائحة الحارة الشرقية الزكية بكل ماتحمل ،ودفتر الدين والدف والميزان ورائحة قهوته المعتقة كالسلاف ، والراحة والبسكوت وبعض لوازم الحصادين ولوازم البيادر وابر الخياطة وخضار الموسم والرمان والعنب وبعض علب السردين ، وحارة "عيال عيسى" حيث امتزجت رائحتها في صدري معلنة بدء حالة من النشوة لم اكن ارغب في الخروج منها ابدا !!
وانا اقف على باب دكان والدي الحبيب رحمة الله عليه شعرت بان المكان يكلمني يحدثني عن الذكريات والتفاصيل التي امتزجت بنا وجرت في عروقنا مجرى الدم في الاوردة !!
كان "والدي" يحب كل اهل القرية و يحظى باحترامهم ومحبتهم لانه خليط بين نقاء التاجر و وداعة رجل الدين الذي يعرف الله ويحفظ القرأن في قلبة و يؤم الناس في كل صلاة و يذهب لينصب خيمة فيها حاجيات الحصادين والدراسين في موسم الحصاد والبيدر فلم يكن في يوم من الايام ليسعى ان يكون رئيسا لغرفة تجارة او مستثمرا تفتح له الابواب او مستوردا لبواخر من الشاي السيلاني اوراغبا باغراق السوق بكميات كبيرة من البضاعة كي يحتكرها لنفسه ،، بل كان مؤمنا بان خدمة الناس جزء من تكوينه الانفعالي ماجعله يترك دكانته مفتوحة ويذهب للصلاة لأمامة الناس في صلواتهم الخمس …
يا" والدي" الحبيب على باب دكانك ذرفت دمعتين حارتين الاولى لفقدك والثانية علينا .. لان الدنيا تغيرت وما عادت الاقوام كما الفتها ولم اعد اعرف ما في داخل دكانك من اغراض !! الا انني اعرف تماما اني ذهبت هناك لا بحث عنك وعن ذلك الجزء المفقود مني علي اشتم رائحتك ورائحة زمانك الندية
الصورة لدكان والدي القديم !!

























