د. ماجد الخواجا يكتب: أنا مع مخرجات اللجنة الملكية لتطوير المنظومة السياسية

{title}
نبأ الأردن -

(( مع سمير وليس مع سمير ))





أمضينا سنوات طوال ونحن ندخل في ندوة ونخرج من مؤتمر ونقرأ عن حواريات ومنتديات وأمسيات، كان الحديث فيها يدور حول كيفية تطوير الإصلاح السياسي في الأردن.





لقد واكبت ومنذ مطلع الألفية الجديدة معظم القراءات التي تناولت الشأن السياسي في الأردن.





لم تكن التوصيات تخرج عما خرجت به لجنة تطوير منظومة التشريعات السياسية.





كنا ننادي بالحياة الحزبية الحقيقية الفاعلة القوية التي يمكنها أن تتولى زمام السلطة بالطرق الديمقراطية.





إن كل الشواهد والأدبيات المعاصرة تدلل على أنه لا إصلاح سياسي ولا حياة سياسية بدون حياة حزبية قوية. وكانت الدعوة الواضحة أن لا حياة حزبية حقيقية إلا بالعمل على تقوية الأحزاب ودعمها مقرونا ذلك باستقلاليتها في اتخاذ وتبني البرامج التي تؤمن بها. وطالبنا بأن تنضوي الأحزاب السياسية تحت مظلة / هيئة/ جهة مستقلة عن الحكومة ، لا أن تصبح مجرد دكاكين تابعة لمديرية في وزارة الداخلية أو وزارة التنمية السياسية.





وكانت الفكرة التي انتظرناها طويلا عندما صدر كتاب التكليف الملكي لحكومة الدكتور عبد الله النسور حيث تضمن الحديث عن (( الحكومات البرلمانية)) وصولا إلى الحكومات الحزبية التي يمكن محاسبتها على أدائها التنفيذي والتشريعي من خلال صناديق الإقتراع الشعبي.





وخضنا في تحديث قانون الانتخاب بحيث لا يعلي من الولاءات الفرعية الضيقة، ويلزم الحزب بأن تكون قائمته الانتخابية تضم كافة الشرائح والمكونات المجتمعية مثل الشباب والمرأة والتجمعات النائية والأعراق والأديان المختلفة. وأن يكون الانتخاب على قوائم حزبية حقيقية تعبر عن إرادة المجموع الشعبي العام.





وسهرنا ليال طوال في الحديث عن رؤى لعمل السلطة التنفيذية، حيث كان شبه اتفاق على أن تكون حكومات سياسية تكنوقراطية، وتحاسب على برنامجها وشخصيات وزرائها، شريطة أن تمتلك الولاية العامة التي تخولها إدارة شؤون البلاد بشكل وصلاحيات كاملة. وأن شكل تلك الحكومات ينبغي أن يأخذ الشكل الحزبي المعروف عالميا. وبصورة ديمقراطية.





أما الحديث عن آليات العمل في الدولة، فقد كان الحسم لفكرة الدولة المدنية القائمة على الحقوق والواجبات، لا دولة الامتيازات والعطايا والهبات. وهذا يتأتى عبر قنوات ناظمة للعمل العام تشمل إشاعة الديمقراطية الحقيقية والحوكمة والشفافية والنزاهة، على أن تكون هذه المفاهيم راسخة في الوجدان العام من خلال العمل على أن تصبح السلوك العام للمجتمع كله.





وفي الحديث عن الفساد والمفسدين، فقد كان شبه إجماع على أنه لا يمكن محاربة الفساد بالفاسدين، فنحن نرى الفساد ولا نرى الفاسدين، تماما كالنقد المتواصل للفنون والسياسة والثقافة، لكن لا يوجد الناقد المتمرس العلمي الموضوعي.





نعم أنا مع مخرجات اللجنة الملكية لأنها وإن اختلفنا على الشخصيات التي انضوت في عضويتها، فهي خرجت بمنظومة عمل تشريعي ينادي بها الغالبية من أفراد المجتمع.





نريد مجلس نيابي قوي مستقل الإرادة له ملامح وتكتلات حزبية واضحة.. مجلس لا يملى عليه قراراته، ولا يلهث أعضاؤه على أبواب الوزراء والمسؤولين. مجلس يستطيع أن يجعل من كل جلساته بمثابة استجواب حقيقي للجكومة في مختلف شؤونها. مجلس يقف المسؤول أمامه باحترام ويذعن لقراراته وأسئلته، ويرد على كافة استيضاحاته. هذا المجلس النيابي المستقل القوي لن يكون إلا عبر تكتلات حزبية برامجية قوية.





نريد حكومات برلمانية حزبية، بحيث تتولى الحكم بشكل مستقل تمارس فيه صلاحياتها بوضوح تام، حكومات تعمل وفق برنامج تنفيذي مزمن ومؤطر وقابل للمساءلة والمحاسبة. هذه الحكومات لن يتم إيجادها إلا عبر أحزاب قوية ومجلس نواب قوي للحصول على حكومة حزبية برلمانية قوية.





والقوة التي أعنيها حيثما وردت في المقالة، قوة المسؤولية والصلاحيات المغلفة بالنزاهة والشفافية والحوكمة، لا قوة الغشم والتجبر والتسلط، فرئيس وزراء كندا أو ألمانيا يحكم بلادا شاسعة وتحت يده موازنة مالية تقدر بمئات المليارات من الدولارات، لكنه هو ذاته الذي شاهدناه يركب القطار أو الحافلة واقفا أو جالسا على الرصيف يتناول ساندويشة. فلا تلك الموازنة والموارد الضخمة أغرته للتعالي ، ولا تلك الممارسات البسيطة العفوية قللت من شأنه وقيمته.





حكومات تفهم أنها تحت المراقبة الشعبية الدائمة عبر الممثلين للشعب وأعني البرلمان، حكومات همها الأول كسب ثقة الناس من خلال حسن الأداء وضمان عدم قبول أي فساد فيها.





حكومات تستطيع تبرير قراراتها، بل لا تحتاج لتبريرها لأنها بالأصل لا تتخذ قرارات تتطلب تبريرات.





حكومات لا يوجد في قاموسها تعيينات خاصة، وسلم رواتب خاص، وامتيازات خاصة.





نعم أنا مع مخرجات اللجنة الملكية لما أوردته سابقا، فلا سبيل لإصلاح حقيقي إلا من خلال الديمقراطية والعدالة في توزيع الموارد، والمساواة في الغنم والغرم، وأن تكون الأولوية للجدارة والكفاءة المترافقة مع الولاء والانتماء.





أنا مع اللجنة لأن كل الدورات الانتخابية أفرزت أزمات مجتمعية وولاءات فرعية ساهمت في تفتيت المفتت وتجزئة المجزأ، ولم يقم أي مشهد وطني حقيقي جراء أية دورة انتخابية سابقة.





أنا مع اللجنة في تقوية الحياة الحزبية الحقيقية التي بدونها لن يقوم عمل سياسي مجتمعي صحي وقوي.





أنا مع اللجنة في إعادة بناء المنظومة التشريعية الخاصة بالعمل الحزبي والسياسي والنيابي، فلم يعد المستقبل يحتمل تلك الممارسات الساذجة المختنقة بالهواجس الأمنية عبر خلق فزاعات وشماعات سياسية.





أنا مع سمير في مخرجات اللجنة، ولست مع سمير في شخوص أعضائها.


تابعوا نبأ الأردن على