د. هايل عبيدات يكتب: عن مفهوم "الأمن"
قال تعالى في كتابه العزيز (فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف) صدق الله العظيم.
فقد ترددت مؤخرا كلمة الأمن وخاصة منذ انتشار أعمال العنف والإرهاب في بعض الدول والأمن بمفهومه الوطني يشمل جميع مناحي الحياة التي تهم الإنسان، فهو يشمل الأمن الغذائي والاقتصادي والاكتفاء المعيشي، كما ويرمز الامن إلى الحماية من مخاطر الجريمة والجوع والمرض والتلوث والبطالة وانتهاكات حقوق الإنسان والاستقرار الحياتي للمواطن، والتي تؤدي إلى شعور المواطن بأن له ركائز ثابته في مجتمعه تحفظ له وجوده وكيانه وتعلّقه بأرضه و وطنه ودولته ، فالاستقرار في حياة الفرد عامل ضروري لحفظ توازنه الاجتماعي و يعتبر من أساسيات الأمن الإنساني في تأمين الخدمات الأساسية للمواطن، فلا يشعر بالعوز او الحاجة والاحباط لان ذلك يكسبه الطابع العدائي والنقمة على المجتمع وأنظمته .
وما زالت مسألة سلامة الغذاء الآمن محل جدل لم يحسم لغاية اليوم بعد، ليس في الاردن وحده بل في الشرق الاوسط ولا توجد وصفة
سحرية لتحقيق الأمن الغذائي سواء في الأردن او اي بلد عربي.
ويعيش الأردن والعالم العربي حالة عجز غذائي تزداد حدته يوما بعد يوم، وبالرغم من التحسن الذي طرأ على إنتاج الغذاء عالميا الا انه مازال هناك ما بين 5_7 مليون طفل يموتون سنويا بسبب أمراض مرتبطة بسوء التغذية وتقدّر التكاليف الطبية المباشرة المترتبة
على سوء التغذية في البلدان النامية بنحو 30 مليار دولار سنويا، ويكلّف نقص التغذية في البلدان النامية أكثر من 220 مليون
سنة من الحياة المنتجة لأفراد الاسرة الذين تتناقص أعمارهم او يتأثرون بسبب العجز الراجع إلى سوء التغذية، والمؤشرات على سلامة الغذاء ومأمونيته ليس بكثرة الاختلافات او اثارة الرأي العام او الزيارات التفتيشية بل بالالمام بمهنية العمل والحوار العلمي الهادئ والتعاون بين كل الجهات ودون تشكيك، وكذلك الالتزام وكلاً ضمن اختصاصه بتطبيق التشريعات والتعليمات المتعلقة بالغذاء وتحليل المخاطر وادارتها بما يؤدي إلى انخفاض التسممات والوفيات. وانخفاض الفاتورة العلاجية ورفع المستوى الصحي للمواطن، وكذلك زيادة الوعي لدى المواطن بخصوص الأنماط الغذائية ومكوناتها الاستهلاكية التي طرأت مؤخرا والتي تعتبر انماط غير صحية. و في الاردن حيث تبلغ قيمة الاستهلاك السنوي للغذاء المستورد ما يقارب 4.5 مليار دولار وهناك ما يزيد عن 78 الف ارسالية سنويا وأكثر من 80 الف بندٍ غذائي وتبلغ نسبة المخالفة فيها ما يقارب 0,5% لغاية عام 2019 وينفق الفرد سنويا ما يقارب من %37من دخله على الغذاء عدا عن الإنفاق الحكومي .
وللتحقق من مأمونية الغذاء وسلامته تقوم الموسسة العامة للغذاء والدواء كجهة وطنية مرجعية بالتعاون مع بعض الجهات المختصة الاخرى ضمن مذكرات تفاهم بتطبيق التعليمات الصادرة بموجب قانون الغذاء والمنبثق عن دساتير الأغذية العالمية على الغذاء المستورد والمتداول، وذلك بهدف ضبط المخالفات وضبط السوق الغذائي ومعالجة التشوهات في الأنماط الاستهلاكية من خلال التفتيش الرقابي واعتماد نظام درجة الخطوره ونظام تحليل المخاطر والمكاسب، وغيرها من المنظومة التشريعية التي تحكم عمل المؤسسة لضمان سلامة انسياب غذاء آمن.
ولكن المطلوب هو تنسيق الجهود بين جميع الجهات ذات الاختصاص في القطاع العام والخاص والاكاديمي لاي استراتيجية فاعلة تضمن الاستغلال الامثل لما هو متوفر من موارد اقتصادية وبشرية وتكنولوجية على المستوى الوطني لتحقيق الأمن الغذائي الذي يعتبر خيارا استراتيجيا للدولة الأردنية.
وتقوم المؤسسة بالشراكة مع بعض الجهات الرسمية والجامعات والوكالات الدولية بوضع برامج رقابية متخصصة لرصد المتبقيات في مجموعات من الأغذية المختارة حسب درجة الخطورة مثل: رصد متبقيات المبيدات والمعادن الثقيلة والرصد النوعي والجرثومي والبيولوجي والكيماوي والادوية، وغيرها للعديد من المواد الغذائية، وكذلك إجراء الفحوصات المخبرية اللازمة وبالتعاون مع الجمعية العلمية الملكية والتي تتجاوز نصف مليون فحص مخبرية سنويا، اضافة الجولات التفتيشية والرقابية، حيث يوجد أكثر من 1800 مصنع واكتر من 80 الف منشأة غذائية مرخصة من خلال جولات رقابية على مدار العام تفوق 126 الف زيارة تفتيشية وارشادية واكثر من نصف مليون فحص مخبري سنويا.
واعتقد ان كل تلك الاجراءات كافية للحفاظ على مأمونية وسلامة الغذاء والتي لا بد من تعزيزها.
وختاماّ فانه على الجميع مؤسسات وافراد تقع علينا مسوولية الحفاظ على مامونية وسلامة غذاءنا حيث لا تستطيع اي شركة او دولة ان تنتج غذاءًا خاصاً لبلد او شعب معين.
وحمى الله الاردن وشعبه وقيادته الهاشمية الاردن عزيزا منيعا حرا ..