فارس الحباشنة يكتب: عذرا فلحا بريزات ..
الصحفيون ذهبوا امس لانتخاب نقيب و نائب النقيب و مجلس نقابتهم .
جميل، لا بل ظريف .. و هذا دليل قاطع على ان مهنة الصحافة بالف خير .
و ان صناعة الاعلام تتعافى، و ان الديمقراطية الاردنية في اشد اوجها .
ولربما نسيت ان الحقوق والحريات والمعايير المهنة ومؤشرات النمو في احسن احوالها .
و ان الزملاء الصحفيين في بحبوحة و رخاء، ويقبضوا رواتبهم كل نهاية شهر.
و الصحافة تزدهر و تتطور و تنمو نحو الافضل .
الاردن بلد عجيب و غريب .. وديمقراطية الاردن هزلية و اشبه بمسرحيات الترجيديا ، تنتهي بالضحك و البكاء معا .
كيف نكون شهود زور على عرس ديمقراطي ؟
لنفكر جيدا بالاول ماذا يعني الاقتراع، و لماذا نذهب الى صناديق الاقتراع ؟
و لنفكر كيف نحمي المهنة و تاريخها، و لنفكر في كرامة و حقوق مئات من الزملاء الصحفيين ؟
الصحفيون امس صوتوا ضد التغيير .. وكما يبدو ان "العقل الباطن" مازال مذعورا من مفردات الاصلاح و التغيير والتطور .
ومازال مذعورا من المرأة، و هي عنوان الاصلاح و التقدم و التمكين السياسي .
مواقف و اتجاهات اراء تشكك في وعي "الهئية العامة"، و فشلهم في التقاط لحظة تاريخية وطنية .
وكانت فرصة البداية في الرهان على الصحفيين في انتاج اول امراة قيادية في تاريخ النقابات الاردنية و العربية .
تعلمون، ان حملة من تونس اطلقتها نقابات واتحادات صحفية تضامنا ودعما مع ترشح الزميلة فلحاء بريزات لنقابة الصحفيين الاردنية .
اخواننا التوانسة .. غيرون على النهوض السياسي العربي ، و دائما سباقون في الاصلاح و التقدم الديمقراطي و القضية النسوية،
وما يسمى بالنموذج التونسي .
خسرنا فرصة تاريخة : اولا كصحفيين، و ثانيا الاردن كبلد ديمقراطي و تعددي، وليكن الصحفيون اول من دق ابواب الاصلاح والتغيير،
ووصول اول امرأة لسدة النقابات المهنية .
صراحة كنت متوقع الخيبة .. وكنت متوقع اجهاض مشروع "امراة نقيبا للصحفيين" .. و لربما ان تجربة الصحفيين و اجهاض مشروع المرأة النقيب تعمم على النقابات والاحزاب .
لا ديمقراطية دون المراة، و لا مدنية سياسية و اجتماعية دون المرأة .. و لا اصلاح و تحديث سياسي دون المراة ..
و يبدو ان "العقل السياسي" الاردني لا يستوعب بعد، ماذا تعني الديمقراطية و الاصلاح و التمكين السياسي ؟
في تقديري السياسي المتواضع ..ليس مهما الذهاب الى صناديق الاقتراع، بل ان تمتلك صناديق الاقتراع مشروعية بالاول .
" الهئيات العامة" تنتخب، تصحى من الصباح الباكر و تذهب الى صناديق الاقتراع، و تنتخب بحسب كلمة السر او حسب اهواء و مصالح ضيقة .
و هذا ما لم يكن مقبولا في نقابة الصحفيين .. و كنا نريد ان تقف النقابة في الطليعة و تضيء الطريق .. ونريد لنقابة الصحفين ان تكون استثناء في الاردن، ونموذجا ينبغي ان تتبعه نقابات ومؤسسات اخرى في الدولة والمجتمع المدني .
والكلام عن ان الاردن متأخر و متخلف عن الاصلاح و التغيير ليس صحيحا اطلاقا .. المجتمع مخنوق و يئن باسئلة كبرى عن الاصلاح و التغيير السياسي .
ولكن ثمة تيار و قوى ومراكز قوى تمارس التكاذب و تخفي جزءا كبيرا من الحقيقة، و لا تعترف بقوة المجتمع و امكاناته وطاقته ورغباته بالتقدم والتطور .