جميل النمري يكتب: كيف اختلف الأمر هذه المرّة؟!
ما أقرته اللجنة الملكية أول أمس وفي المقدمة مشروع قانون الانتخاب هو في الحقيقة والجوهر محصلة توافق، ليس اللجنة الملكية وحدها، بل اركان الدولة كلها، ولذلك هو مشروع للتنفيذ وليس لصرف الوقت.
أقول هذا لأنني واكبت كل تجربة سابقة أكان من داخلها او قريبا جدا منها حيث كان طابع اللجان في الحقيقية استشاريا بحتا قد تكون مقترحاتها في واد وتفكير الدولة في واد آخر. وأحيانا كان تشكيل اللجان والهيئات هدفا بذاته لإعطاء فرصة للحوار وطرح الأفكار.
لكن هذه المرة كان الهدف عمليا ومحددا ورد نصا في رسالة التكليف الملكي أخذته بالاعتبار كل الجهات في الدولة وهو أن الساعة قد أزفت لصنع تشريعات تحديث النظام السياسي وهذه التشريعات حال انجازها من اللجنة سيكون الوقت قد فات على اي جهة قبل مجلس النواب التدخل لتعديلها.
لم يكن هناك شيء جاهز سلفا ولم يكن لدى اي جهة تصورا محددا لكيفية ترجمة الرغبة الملكية الواضحة والقاطعة بتمكين الحياة السياسية الحزبية وصولا الى نيابة حزبية بالكامل.
قدمت الكثير من المقترحات من أعضاء اللجنة ومن خارج اللجنة ومن الأحزاب السياسية. وشخصيا قدمت مقترحا محددا للنظام الانتخابي، ولم ألمس من بداية العمل وجود صيغة معينة يريدها اصحاب القرار بدليل ان المقترحات التي بين ايدينا تقلبت وتعدلت وتأرجحت ومرت بأزمات وتأثرت بردود الأفعال. وخذ مثلا نقل الكوتات الى المقاعد الحزبية ثم إخراجها.
لقد كان التوافق يمضي بالقطعة على المقترحات قبل أن يأخذ المشروع شكله النهائي وقد أحبطني كثيرا عدم تمرير مقترحاتي الرئيسية كما احبط غيري أن مقترحات عزيزة عليهم لم تمر لكن هكذا هو العمل المشترك وما لا يدرك كله لا يترك جله.
ما تحقق بالنتيجة هو قفزة حاسمة الى الأمام. سنحصل لأول مرة على إنتخابات يصوت فيها المواطن لأحزاب سياسية تحتل ثلث مقاعد مجلس النواب (على الأقل) الى جانب التصويت لمقاعد محلية. ولهذه الغاية تم عمل قانون للأحزاب يتعامل مع دورها بكل جدية بصفتها عنوان المستقبل السياسي لتشكيل مجلس النواب والحكومات.
ستكون هناك انتقادات كثيرة ومنها ما هو محق لكنها لا تعني الكثير من حيث الأهمية في مشروع التحديث. وللحقيقة لم اسمع افكارا مبتكرة كثيرة بهذا الصدد. وحتى اكثر الناس تشكيكا وانتقادا لم يقدم مقترحا واحدا مميزا أو أفضل مما كان مطروقا في اللجنة. أما في الجوانب الإجرائية فقد أدخلت على القانون افضل المعايير الدولية المعروفة في ادارة العملية الانتخابية من الترشيح وحتى الفرز واعلان النتائج
بين ايدينا مشروعا محددا اذا أقره مجلس النواب وتضافرت كل الجهود لإنجاحه في التطبيق فهو يضع قدمنا في الركاب لبدء التحديث وصنع مستقبل أفضل.