بعد قصة "لين" .. كيف يتوقف مسلسل "سقوط الضحايا"؟!
نبأ الأردن - كتبت أمينة عوض - أعادت قضية الطفلة المتوفاة "لين" بعد عملية جراحية للزائدة الدودية في مستشفى البشير، لتضع مسلسل الأخطاء الطبية تحت الضوء من جديد، فهي ليست الحالة الأولى من نوعها، ولعلها لن تكون الأخيرة إذا لم يكن هناك رادعٌ بحق المقصرين، على حد وصف أهالي المتضررين، وعلى حد ما يعكس التعاطف الشعبي الواسع مع هذا الحدث الجلل، فقد علت أصوات كثيرة جداً تطالب بإقالة وزير الصحة من باب تحميله المسؤولية الأخلاقية عما جرى.
"نبأ الأردن"، ومن خلال التواصل مع عدد من المعنيين بالشأن الطبي، والقانوني أيضاً، حاولت قراءة المشهد بشكل أوسع، لمعرفة من الذي يتحمل المسؤولية، وكيف يمكن أن ينتهي مسلسل الأخطاء والطبية ووقف سقوط المزيد من الضحايا.
العبوس: قانون المساءلة الطبية لم يفعل بالطريقة الصحيحة والإجراءات الحكومية غير رادعة
نقيب الأطباء السابق علي العبوس أكد أن هناك عوامل مشتركة تؤدي الى حدوث الخطأ الطبي ومنها عدم توفير البيئة الطبية المناسبة، فيجب أن يكون المستشفى تحت إشراف المجلس الطبي، إضافة الى أهمية التنشئة الطبية، فالطبيب لم يُخلق عالماً، بل هو يتعلم من خلال مزاولة المهنة واكتساب الخبرة من الأطباء والمختصين القدامى لعدم تكرار الأخطاء الطبية التي حدثت في الماضي.
وأضاف العبوس في تصريحاته لـ"نبأ الأردن"، أن الخطأ الطبي يختلف عن المضاعفة الطبية، حيث أن الأول يعني أي فعل أو ترك أو إهمال أدى الى حدوث ضرر لدى المريض ولا يتوافق مع القواعد الطبية المعتمدة، أما المضاعفة فتؤكد حدوث ضرر لدى المريض، لكن الطبيب في هذه الحالة يكون قد قام بتأدية كافة الواجبات الطبية المترتبة عليه ضمن القواعد الطبية، فالمضاعفات تحدث لدى الكثير من المرضى ولا أحد ينكر ذلك.
ودعا العبوس الى ضرورة ان يتم توزيع الإرشادات الطبية داخل كل مستشفى او مركز صحي، ليتعلّم الطبيب المستجد من الأخطاء السابقة ويسعى جاهداً الى عدم تكرارها، اضافة الى تخصيص محاضرات داخل المستشفيات للتوعية بأهمية تفادي الأخطاء الطبية المتكررة.
وأضاف:" لا بد من أن يكون هناك فريق طبي مشرف داخل كل مستشفى او مركز صحي لضمان تقديم الخدمة الطبية بالمستوى المطلوب دون أخطاء تذكر".
وبين انه لا بد عند حدوث مشكلة مع المريض ان يتم التأكد من أن السبب وراءها مضاعفة أو خطأ طبي، وعليه يتم معاقبة المقصر ومحاسبته اذا ثبت تقصيره بالوجه العلمي.
وتابع:" الإجراءات الحكومية بهذا الخصوص غير قانونية ولا رادعة، اذ أن مسلسل الأخطاء الطبية لا يزال يتكرر، وهناك تقصير واضح لدى المسؤولين عن القطاع الطبي".
وحول قانون المساءلة الطبية، علّق قائلاً:" القانون تم تشريعه والموافقة عليه في عام 2018، لكنه وبعد 3 سنوات لم يتم تفعيله بالطريقة الصحيحة، فالقانون لن يعيد للمريض حياته ولكن يمكن أن يكون رادعاً للمقصر في المستقبل".
وختم بالتأكيد على أن سمعة الأردن في المجال الطبي بالخارج ستكون سيئة مع كثرة تكرار الأخطاء الطبية، فالعالم أجمع أصبح منفتحاً على بعضه البعض".
السراحنة: لا مانع من تقديم مذكرة لحجب الثقة عن وزير الصحة
من جهته، أوضح رئيس لجنة الصحة والبيئة النيابية الدكتور أحمد السراحنة أن دور النواب يقتصر على تقديم التوجيهات لوزارة الصحة للحد من ظاهرة تكرار الأخطاء الطبية من خلال مطالبتها بزيادة عدد الكوادر الطبية، ورفد طوارئ المستشفيات بأطباء ذات تخصص وبخبرة عالية، وكذلك أن يكون في كل مستشفى طوارئ تخصصي، اضافة الى زيادة عدد الأسّرة في المستشفيات الحكومية وذلك ليستنى للطبيب ادخال المرضى لمراقبتهم.
وحول إمكانية أن يتم تقديم مذكرة تطالب بحجب الثقة عن وزير الصحة، أشار في تصريح لـ"نبأ الأردن"،الى أن ذلك ليس مستبعداً في حال لم نقتنع بالإجراءات التي سيتم اتخاذها ولا مانع من ذلك اذا لم تكن نتائج التحقيقات كما يجب أن تكون.
*المومني: جرم التسبب بالوفاة يصل الى 3 سنوات
بدوره، لفت المحامي بشير المومني الى أن الأصل أن ينعقد الإختصاص في قضية تكرار الأخطاء الطبية بالقضاء، لأن هذه المسألة يكون بها شبهة جريمة وعليه فالنيابة العامة تتولى التحقيق فيها.
واضاف:" النيابة العامة تطلب الخبرة الفنية لغايات تقدير فيما اذا كان هناك خطأ طبي من عدمه، وبناء عليه تتخذ قرارها باحالتها للمحكمة من عدمه".
ونوه المومني في حديثه لـ"نبأ الأردن" الى أن القضاء لا يتدخل بهذه المسألة، فذلك يستوجب أن يكون هناك بلاغ للنائب العام وأن يتصل علمه بالقضية أو وجود شكوى من المتضرر أو من ذويه أو أن تقوم إدارة المستشفى بإحالة القضية للإدعاء العام".
وتابع:" قضية الأخطاء الطبية هي مسألة طبية وقد ينشأ عنها قضية جزائية أو حقوقية حسب واقع الحال".
وأكد المومني بأن النيابة العامة لا تتحمل أية مسؤولية، بل على العكس، فهي تقوم بكامل واجبها، لكن عليها أن يتصل علمها بالقضية، أي بوجود واقعة جرمية".
وحول الاحكام التي ممكن أن تواجه الجهة المقصرة، ذكر المومني بأن النيابة العامة وبعد انتهائها من التحقيق تحيل القضية الى المحكمة وبحسب ما تفضي اليه نتائج التحقيق، فاذا تبين عدم وجود جريمة، تقرر النيابة العامة حفظ الأوراق، أما خلاف ذلك فهناك حالتين، إما ان تكون تسبب بالوفاة، أو فعل مقصود وكل واحد منها لها حكم خاص.
وأضاف:" قضية الأخطاء الطبية بالعادة تكون غير مقصودة وجمع التسبب بالوفاة، لافتاً الى أنه اذا ثبت أنها تسبب بالوفاة، يتم إحالة القضية الى محكمة الجنايات الكبرى، لكن بهذه القضية تكون الأسباب ناشئة عن وجود إهمال أو تقصير أو خطأ أو عدم مراعاة القوانين والأنظمة والإجراءات الطبية الصحيحة.
وقال إن هذه القضايا بالعادة تكون جرم تسبب بالوفاة وهذه من الجرائم الجُنحية، اذا يواجه فيها المقصر حكماً قد يصل الى 3 سنوات .
وبشأن تحديد الجهة التي تتحمل المسؤولية، قال:" قد يكون التقصير ناجم عن مسؤولية مشتركة بين الطبيب والمستشفى، وقد يكون احدهما هو المخطأ، وهذا يكشفه واقع التحقيق".
يذكر أن الطب الشرعي كان قد أكد أن سبب وفاة الطفلة لين التي خضعت لعملية جراحية في مستشفى البشير، يعود إلى تجرثم الدم نتيجة التهاب غشاء البريتوان (غشاء البطن) ما بعد إجراء عملية جراحية لاستئصال الزائدة الدودية.
واضاف بأن الأمر يحدث عندما تنفجر الزائدة الدودية التي ينتج عنها التهاب بالتجويف البطني الذي ينتج عنه انتقال الجرثومة إلى الدم.
وأكد إلى أنه في حال ثبوت وجود خطأ فسيتحمل المخطئ عقوبة إدارية من جهة واحالته الى القضاء من جهة أخرى.