الولايات المتحدة ودبلوماسية "المعجنات والبسكويت"!
نبأ الأردن- مارست الولايات المتحدة دبلوماسيات متنوعة من البوارج إلى العقوبات والعصا والجزرة، وجربت في العقود الأخيرة أسلوبا لتصدير "الثورات الملونة" يمكن تسميته بـ"دبلوماسية البسكويت".
ويبدو أن دبلوماسية "البسكويت" لم تختف من الميدان السياسي الأمريكي العملي، ووصلت إلى ملف بيلاروس، بعد أن كانت تجلت في حادثة كبرى في ديسمبر من عام 2013 في العاصمة الأوكرانية كييف.
في تلك المناسبة، حملت فيكتوريا نولاند مساعدة وزيرة الخارجية الأمريكي في عهد الرئيس باراك أوباما، كيسا بلاستيكيا مليئا بالمعجنات والبسكويت وتوجهت إلى ميدان الاستقلال في قلب كييف، حيث يحتشد المحتجون المعارضون للرئيس الأوكراني الشرعي حينها فيكتور يانوكوفيتش، وراحت توزع ما في جعبتها على المشاركين ولم تنس أيضا رجال الأمن.
وبعد مرور نحو 8 سنوات، ذهبت سفيتلانا تيخانوفسكايا، المرشحة السابقة في انتخابات بيلاروس إلى البيت الأبيض، حيث استقبلها الرئيس جو بايدن.
تيخانوفسكايا وصفت اللقاء بأنه قصير جدا، لكنه دافئ، ولم يخلو من بسكويت، حيث روت أن بايدن بنفسه تقدم منها بعد انتهاء اللقاء وأعطاها "بسكويت" من البيت الأبيض.
عبّرت هذه السياسية ضمنيا عن افتخارها بحادثة البسكويت الرئاسي الأمريكي، وهو، أي البسكويت، يبعث على التفاؤل، فهي جاءت تطلب عون سيد البيت الأبيض، لتغيير الواقع السياسي في بلادها، ولا بأس في أن ترفع من "رصيدها" السياسي، وكان لها أن ظفرت بالبسكويت من يد أوباما شخصيا.
وشبهت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا "البسكويت" الذي أهداه الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى المرشحة الرئاسية السابقة في بيلاروس، بملفات "cookie" التي تتيح الوصول وإدارة بيانات المستخدم على الإنترنت، وهي نفس الكلمة التي تعني بالإنجليزية أيضا بسكويت.
البسكويت بطبيعة الحال لا يغني ولا يسمن من جوع، لكنه رمز كبير، تفصيل صغير في عمل كبير لاختراق القلاع المحصنة والدخول إليها لتقويض بنيانها وفي الغالب بأيدي أبنائها.
وكلما استعصت بلاد على الأمريكيين أمام تمددهم المتواصل لتحقيق الهيمنة الساحقة امام الخصوم الكبار، أخرجوا كل ما في جعبتهم من أسلحة ممكنة بما في ذلك "البسكويت". فلا تستهينوا بتأثيره. إنه يفتح القلوب ويشيع الانشراح. دعاية تتمدد تعمي أبصار الحشود الغافلة التي حين تستيقظ لا تجد من حولها إلا الخراب كما حدث في جميع الدول تقريبا التي مرت بها ما يعرف بـ "الثورات الملونة"، ناهيك عن النسخة العربية الأكثر دموية وتدميرا، والتي لسخرية المتناقضات تلصق بالربيع.