خالد أبو الخير يكتب : طلوع جبل التاج

{title}
نبأ الأردن -

لا تذكر الشوارع والأحياء والبنايات القديمة عشاقها، ولا تمنح الزائر لطرقاتها حنيناً أو منديلاً أو إيماءة أو ترحابا.





منذ زمن بعيد غادرت عمّان ألقها القديم إلى جبالها الممتدة: أماكن جديدة ومولات وناطحات سحاب وعلاقات " تيك أويه"، وتركت أحياءها القديمة، أحياءها الأصيلة، رهينة التآكل والنسيان والركام والإهمال والغبار.





يبدأ طلوع جبل التاج من نقطة قريبة من تقاطع النشا الذي لا يكاد يمر به؛ من كان في مثل سني، الا ويتذكر وقتاً كان فيه شرطي المرور المرحوم هزاع ذنيبات يحرك الفضاء الراكد، بيدين لا تنسيان.. يدان ما فتئتا تلوحان.





ينتابك الحزن حين تأخذ بالصعود للذرى، فعدا عن بضع أشجار كينيا ما تزال صامدة، رغم الإهمال وطول نسيان، وبغير دعم أو قرض من يو اس ايد او البنك الدولي، تلوح بنايات ومحال كئيبة وعتيقة تقشرت سأماً و"قسارة" وصدأ وتذكارات.





..هنا مررنا، هنا جلسنا وتحادثنا، هنا تركتُ ضمة الورد على السور القريب. هنا بكت وتودعنا.. وسافرتُ بعدها سنيناً طويلة، كالأبد.





وحين عدتُ.. لم يعد منا احدّ.





لا.. لا يحير طلوع جبل التاج جواباً حين يُسأل عمن غادر واختفى، فتأسى، لأن الأحبة ما زالوا في البال ناضجين كتفاح يانع وشهي في قلبك.. والصدى.
وحين تبلغ المفترق، بين أن تكمل طريق صعودك إلى الاشرفية، او تتجه يساراً لتنحدر نزولاً باتجاه ما إستجد من جبل التاج وصولاً إلى تقاطع النشا، لتنخرط دون هوادة بحياتك الجديدة، الحياة التي صرت اليها دون ان تعرف كيف؟. تتوقف وجلاً، خائراً وحائراً، فما معنى أن تمر دون ان يحييك أحد السكان أو مئذنة جامع قديم، أو غصن كينيا وصفصاف وياسمين، أو حتى عابر سبيل تصادف ان عرفك، أو رشة عطر ومطر.





تترجل من سيارتك وتطيل الوقوف، كأن أقدامك تسمرت.. كأن العمر تَسَمَّر ، فما عاد للياسمين من يذكره، ولا للشعر مغزى او جناح، وليس لجراح القلب.. جـرّاح.


تابعوا نبأ الأردن على