سامية المراشدة تكتب: حكي قروي: الله يرحم
نبأ الأردن -
بالرغم من الحنين، هناك تفاصيل تعودنا عليها من الماضي. في وقت مباراة بين الأردن والعراق الشقيق،تأملت بالرفاهية والتقنية التي وصلنا إليها. كنت أتذكر مباريات زمان وأنا طفولتي على أيام جمال أبو عابد وهشام عبد المنعم، بنفس المشهد لكن بطابع بسيط. تلفزيون يشبه الصندوق بإطاره خشبي وبلاستيكي، وشاشته 20 بوصة، ثقيل الوزن، يعمل على الكبسات. كنت أسمع كلمة: "طق هالتلفزيون خلنا نشوف شو فيه؟"، وهناك مجهود شخصي يبذل في خفض ورفع الصوت، وأثناء حدوث المباراة، الجميع يجلس كترتيب الصف، الصغار في الأمام والكبار خلفهم، كانت درجة التركيز عالية في ذلك الجهاز الصغير الحجم، ويا دوب نرى اللاعبين، لكن صوت المعلق يصل لآخر الحارة ويساعد المشاهدين في معرفة اللاعبين، كنا جميعًا في حالة تتطلب منا قوة النظر 6/6، لكن "ويا ويل ويله" من يقف أمام التلفزيون لأنه كان يغطي الشاشة كاملة، أو يمر بجانبه، والشخص الذي يريد الرفاهية أكثر كان سهلًا أن يسحب" الفيش من الكهرباء " ويحمل الجهاز الثمين الثقيل من مكانه المغطى بقطعة من القماش المزخرفة ، ويشيل المزهرية التي فوقه ، ويضعه في "الحوش" أو "البرندة" في فصل الصيف.
وتلتم الجيران والعائلة على مباريات الموسم ، بينما حافظ البعض على الذهاب إلى كوفي شوب لمشاهدة المباراة في زمننا الحالي، بينما كانت في الماضي تُسمى "القهوة" وشاشة التلفزيون ذاتها. كنا حينما تشوش القناة نضرب على الجهاز لتعود المحطة، والجميع يدرك قيمة فعل هذا الشيء والغريب بالفعل تعود المحطة ، ولا ننسى الأنتين الذي لا يقل أهميته عن الجهاز، ونعتبره اختراعًا "فهلويًا" بكيفية استقطاب الموجات.
ما علينا، ليش الحكي، والله التطور حلو، الآن شاشات عرض مسرحي على مستوى طول وعرض الحائط، معلق جميل المنظر وخفيف الوزن، وتجلس على بعد مسافة بسيطة منه ومعك الريموت كنترول وخدمة إنترنت تأخذك إلى العالم كله في ثوانٍ. تشاهد اللاعب وكأنك معه، والكرة تمر من أمامك، ترى الألوان بوضوح وترى الجماهير المشجعة. لا بل أنت تشاهد الحضور وعلامات الغضب والفرح عليهم والكاميرا تسلط على من يحمل العلم ويرتدي الشماغ ، بل والفتيات المشجعات تراهم أيضًا بل كل الاردن والعالم العربي ، اليوم عينك على شاشة التلفزيون وعينك على شاشة الهاتف، "وضعنا بين الشاشات" ، تشاهد المباريات على الشاشة التلفزيون، وتعبر عن مشاعرك عبر الشاشة الهاتف، لكن مهما كان الفرق، في الماضي كان صوتك في منزلك و ردة فعلك وهجمتك وعصبيتك وغضبك، لكن الآن كل ما يلوح في فكرك من فرح وغضب يعكس تمامًا على شاشتك الصغيرة "الهاتف" . كنا زمان، والله يرحم ، اليوم، شعوب تعلن غضبها وفرحها أمام الجميع عبر التواصل الاجتماعي ، بل تعلن البغض والكراهية علناً. كنا بريئين زمان، فرحنا أو حزنا غير معلن ، لانه "عيب الإساءة" لكن اليوم اختلف والله يرحم.























