خليل النظامي يكتب : عن فيديو الأمير بين الجماهير

{title}
نبأ الأردن -
هناك في المدرج الملىء بـ الأهازيج والتشجيع، حيث تختلط الأعلام بـ نبض القلوب، كان ثمة إيقاع من نوع آخر،، تقدم على كل المشاهد التي رأيتها خلال مباراة الأردن والعراق،، إيقاع طبل بين يدي أمير صغير السن يضبط نبض جماهير كبيرة،، 

ولم يكن مجرد طفل من العائلة الهاشمية يلوح بيده لـ الجماهير الأردنية عن بعد، بل كان وجه صغير على مقاس وطن كامل،، اختصر المسافة بين مقعد الحكم ومدرج المشجعين بـ ضربة عصا على جلد طبل مر أمامه بـ الصدفة.

وأنا أتابع الفيديو، رأيت ارتفاع الهتاف الأردني أعلى وأعلى، كلما هبطت عصاة الطبل من يد الأمير على سطحه الدائري،، وكأن الطبل هو القلب،، والأردنيين هم الصدى،،، فهو لم ينتظر البروتوكول، ولم يختبئ خلف حاجز زجاجي،،، أو مقصورة معزولة،، وعلى الفور انحاز إلى حيث يقف الأردنيين، إلى العرق المتصبب من حناجرهم، وإلى الرجفة التي تسكن أياديهم وهي تلوح بـ العلم الأردني،،، 

اللافت في المشهد، أن الجهة الأخرى ،،، كان يجلس فنان العرب كاظم الساهر في مقصورة زجاجية فاخرة، يرتدي بدلة ثمينة  من نوع (فرزاجي)، ويطل على الجمهور العراقي من خلف الزجاج كـ ضيف تم دعوته بـ بطاقة مذهبة فاخرة، أكثر منه واحدا من جمهور مدرج يغلي،،

وقد رأيت أن المشهدان لم يكونا متناقضين بقدر ما كانا لوحة مقارنة حادة، واحدة تجسد رمز فني كبير محاط بزجاج وبروتوكول،،، ورمز سياسي ابن لـ عائلة مالكة، وشاب اختار أن يكسر الزجاج، ويضرب كل البروتوكولات بعرض الحائط، وأن يجلس بـ القرب وبين الأردنيين على المدرجات،،،

فـ هناك عند الساهر الأضواء منعكسة على الزجاج اللامع، ولكن هنا عند الهاشمي الأصيل العرق يلمع على جبين طفل يضبط بـ إيقاع طبل بسيط الحماس الأردني،،،

أما ملامح الأمير الصغير فـ كانت تتقد بـ حماس لا يختلف عن حماس أي طفل أردني يلعب كرة قدم في الحارة، غير أن الطبل الذي بين يديه كان يحمل وزن رمزية أعمق بـ كثير عنوانها: "أمير يختار أن يكون قائدا لـ الإيقاع،، لا متفرج هادئ في الصف الأمامي،،، يضبط وتيرة الهتاف، ويرفع يمناه وكأنه قائد أوركسترا شعبية، ثم يعود ليغرق في ضحكة عفوية عندما ينسجم إيقاعه مع موجة التشجيع التي تجتاح المدرجات الأردنية"،،، 

ففي تلك اللحظة، لم يكن ثمة فرق بين أمير ومواطن، وإنما كان ثمة أردني واحد يحتفي بـ النشامى، ويرتدي قميصهم مثل آلاف الوجوه حوله، ولا يميزه عنهم إلا أن الكاميرا تعرف اسمه ومن يكون،،، 

وكأن المباراة قدمت لنا درس بصري في معنى القرب، وعلمتنا أنه يمكن أن تكون نجم فوق المنصة،،، ولكن الشرعية الحقيقية تصنع في المدرج حين تجلس وكتفك بـ كتف أهلك وأبناء وطنك،،

ربما انا أعمق من الكثيرين، ولكنني قرأت رسالة واضحة في هذا الفيديو القصير، تخبرني: "أن هناك جيل هاشمي شاب تعلم من الكبار أن القيادة ليست وقار جامد وصلب، بل هي القدرة على النزول إلى مستوى الفرح الشعبي، والرقص على إيقاعه، وأن الحب والقرب، قادران على تجميع ما تفرقه السياسة،،،

فعلا أحبتي،،،
هذا مشهد يكتب بـ لغة الإيقاع والاختيار الحر، سطر مختلف في سردية العلاقة بين العرش الهاشمي والمدرج الذي يعج بـ الأردنيين، سطر يقول:

"ان الوطن لا يدار فقط من طاولات الاجتماعات أو من المكاتب المكيفة، بل من مقعد بلا رقم في قلب الجمهور، حيث يتكامل صوت الأمير الشاب وعزفه مع صوت الأردنيين،،، ليصنعا نشيد واحد عنوانه: 

"هنا الأردن،، هنا المجد"،،،
تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير