وائل منسي يكتب : خصخصة النفايات

{title}
نبأ الأردن -
التوجّه نحو خصخصة إدارة النفايات يبدو في ظاهره خطوة تحديثية تسعى البلديات من خلالها إلى تحسين الكفاءة وتقليل الأعباء المالية، لكنه في جوهره ينطوي على مخاطر قد تُثقل كاهل المواطنين بدل أن تخفف عنهم، خصوصًا في بلد يعيش جزء كبير من أهله على حدود خط الفقر. 
فبينما يشير المدافعون عن هذا التوجّه إلى تجارب دول مثل الإمارات وعُمان وألمانيا وكوريا الجنوبية، يغيب عنهم أن هذه النماذج تقوم على قدرة شرائية عالية وبنى رقابية قوية تضمن أن لا تتحول الخدمة إلى عبء على الناس.
 أما في سياق هش اقتصاديًا، فإن خصخصة الخدمات الأساسية قد تعني ببساطة نقل الفاتورة من البلدية إلى جيب المواطن، ليصبح دفع رسوم جديدة أو أعلى شرطًا للحصول على خدمة كانت تُعد حقًا عامًا.
 والأسوأ أن الشركات الخاصة، في سعيها نحو الربح، قد تتجه إلى خفض التكاليف عبر تقليل العمال أو تخفيض الجودة أو تجاهل المناطق الأقل ربحية، فتتراجع الخدمة بدل أن تتحسن.
 كان الأجدر البحث عن بدائل تبدأ بتحسين الإدارة داخل البلديات نفسها، ورفع كفاءة أسطول الجمع، والاستفادة من التمويل الدولي، وتطوير برامج الفرز والتدوير تدريجيًا، بدل القفز نحو حل سيُطبق عادة في الدول ذات الدخل المرتفع ليُحمّل في حالتنا الفئات الأضعف ما لا تطيق. 
إن تطوير إدارة النفايات هدف مشروع وضروري، لكن تحويله إلى مسار خصخصة قد ينتهي بأن يدفع المواطن ثمنًا أكبر من القيمة التي سيحصل عليها، وهو ما يجعل التريّث وإعادة التفكير ضرورة وطنية قبل اتخاذ خطوة تستنزف ما تبقى من قدرة الناس على الاحتمال.



تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير