نقيب الصحفيين طارق المومني يكتب : في حضرة سيدنا..
نبأ الأردن -
عندما تستمع إلى جلالة الملك حول تقييمه لما يحدث في المنطقة ،تدرك أنك أمام زعيم استثنائي استطاع بما له من تقدير واحترام ومصداقية ومكانة في العالم ، أن يغير في مسار الاحداث ،ويدفع المجتمع الدولي ،لتبني الرواية الأردنية نحو الامن والسلام والاستقرار، خصوصًا في غزة التي تعاني من ظروف إنسانيّة قاسية ،وتقف حكومة اليمين الاسرائيلي المتطرف ،عقبة في وجه تنفيذ خطة السلام والتخفيف من هذه المعاناة .
غضب الملك عبدالله الثاني ،الذي اظهرته لغة جسده ،وهو يتحدث امام مثقفين وأكاديميين ومؤرخين ،في دارة وزير الثقافة الأسبق الدكتور بركات عوجان ،عن الكارثة الإنسانية في غزة ،التي خلفها العدوان الاسرائيلي الهمجي، عليها طوال عامين ،يؤشر على أن رئيس الحكومة الاسرائيلية اليمينية نتنياهو ،الذي تلازمه صفة كذاب ،يحاول افشال أي خطوة ،يمكن ان تؤدي إلى الاستقرار، ليس في فلسطين المحتلة وغزة الجريحة والذين نحن الأقرب لهم والأصدق معهم فحسب، بل حتى في الشام ولبنان وكل مكان ويحاول الدفع نحو حروب اهلية حتى يبقى في السلطة وينفذ اجنداته وأحلامه المزعومة .
جلالته الذي يواصل جهوده الدؤوبة لادخال المساعدات الإغاثية إلى غزة ، للتخفيف من المعاناة هناك ، يؤكد أن الدور الأردني في هذا الاطار سيستمر حتى تعود الأمور إلى طبيعتها ، وفي ذات الوقت يرفض اي دور امني اردني في الضفة وغزة ، ولا ينوي ارسال قوات أردنية إلى هناك فسياسته واضحة تقوم على رفض تورط الجيش الأردني في صراعات دول الجوار ،ولن تستبدل الدبابة الاسرائيلية بأخرى أردنية ولا الجندي الاسرائيلي بجندي اردني ،وفي ذات الوقت يرفض اي تهجير للفلسطينيين من ارضهم مهما كانت الظروف وهو خط احمر وإعلان حرب ، ذلك ان الرسالة الأردنية وصلت لكل الأطراف .
العلاقات الأردنية مع الأشقاء العرب ،كانت حاضرة في اللقاء ،فالمملكة تدعم جهود الاستقرار في لبنان الذي يحاول نتنياهو العبث به وتخريب كل المحاولات في هذا الاتجاه ، مثلما يفعل في سوريا ويدفع باتجاه حرب اهلية ،فالأردن يدعم القوات المسلحة اللبنانية واجهزتها الأمنية ،وتدريب عناصرها ، ويصف جلالته العلاقات بالمتميزة ، والتنسيق مستمر ، ويدعم جهود الامن والاستقرار في لبنان وسوريا اذ وصف العلاقة مع الرئيس احمد الشرع بالممتازة وأنه يقوم بجهود كبيرة لعودة الأمور إلى طبيعتها في سوريا ،مؤكدًا على التعاون الكبير في محاربة داعش وتهريب المخدرات والأسلحة للمملكة ، وضرورة استقرار سوريا ووحدة اراضيها ،واذا ما سارت الأمور كما يجب ،فانه سيتغير الكثير .
الحديث امتد للعلاقات مع السعودية التي وصفها بانها في افضل حالاتها ،والتي يبدو انها الأقرب لنا ، والتنسيق والتشاور في مختلف الامور ، واثنى كثيرًا على ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وحرصه على التعاون الدائم ،وتقدير جلالته لتأكيد سمو الأمير المتكرر لدعم الأردن والوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس المحتلة ،ولا تقل العلاقات مع مصر والدول العربية الأخرى وخصوصًا الخليجية عن ذلك ،فالتشاور والتعاون مستمر .
مصالح الأردن وتنميته وازدهاره ،وجذب الاستثمارات وتنويع سلة التعاون الإقليمي والدولي وكسب حلفاء جدد لدعم مواقف المملكة وفتح أسواق جديدة للصناعات والمنتوجات الأردنية والاستفادة من تجارب بعض الدول في مجالات مختلفة والنهوض بالاقتصاد ،وتحسين مستوى معيشة الإنسان الأردني ،إلى جانب الأوضاع في المنطقة والقضية الفلسطينية ، كل ذلك وغيره ،يقف خلف الزيارات التي يقوم بها جلالته لدول في العالم منطلقًا من المكانة الدولية للأردن ومصداقية ما يتحدث به ما اكسبه احترام العالم ، وما زيارة جلالته الأخيرة لدول في اسيا مثل اليابان وفيتنام القوة الاقتصادية الصاعدة ، وإندونيسيا اكبر دولة إسلامية والباكستان لما لهما من ثقل دولي وترغبان بالمساعدة في موضوع غزة وكان لهما دور بارز في ذلك . الملك الذي شاهدنا التقدير لكبير له في زياراته تلك وغيرها يساهم في بناء شبكات مصالح تخدم الأردن في الجوانب كافة وخصوصًا الاقتصادية منها ، وهو ما يتطلب البناء عليه من القطاعين العام والخاص واستثمار الفرص لتحسين الواقع الاقتصادي وجذب الاستثمار .
المضي في عملية الإصلاح والتحديث السياسي والاقتصادي والإداري ،أولويات الدولة ،فضلًا عن تمكين المرأة والشباب الذين اكد جلالته ان من حقهم أن يعرفوا تاريخهم وأن تتم مكاشفتهم ،بالظروف والتحديات التي مرت على الوطن منذ عقود بشفافية ،واستطاع ان يتجاوزها بنجاح ، وان يتم العمل على ذلك بشتى الوسائل مقدرًا دور المثقفين والمؤرخين والاعلاميين في هذا الاطار .
الملك الذي اعتذر في البداية عن التأخير بعض الوقت بسبب التزامات ولقاءات رسمية ،استمع باهتمام للحضور المميز في دارة الدكتور عوجان ، عن عموم قطاعات الثقافة والصحافة والفن ، وما تم طرحه ، ووجه بالأخذ بكل الملاحظات ومتابعتها والتنسيق والتواصل بشأنها .
شكرًا جلالة سيدنا على هذه السنة الحميدة بالتواصل مع ابناء شعبك الوفي في كل المجالات وفي كل الأماكن وحرصك على وضعهم بمختلف التطورات داخليًا وخارجيًا بشفافية ووضوح ودون حواجز ، وشكر للدكتور بركات عوجان على إتاحة الفرصة لهذا اللقاء المهم وكرم الضيافة .

























