أ.د. حسن الدعجه يكتب: تعزيز التعاون الأردني–الصيني عبر توسيع تعليم اللغة الصينية في المدارس

{title}
نبأ الأردن -
في سياقٍ يتسم بتعاظم الاهتمام الدولي باللغات والثقافات كجسور للتواصل بين الشعوب، تتجه العلاقات الأردنية - الصينية اليوم نحو مرحلة أكثر عمقًا، مع بحث وزارة التربية والتعليم إدراج اللغة الصينية ضمن برامج التعليم المدرسي في المملكة. تأتي هذه الخطوة امتدادًا لوجود برامج أكاديمية لتعليم الصينية في الجامعات الأردنية على مستوى البكالوريوس والماجستير، ما يجعل التوسّع نحو المدارس تطورًا طبيعيًا يعكس رؤية استراتيجية بعيدة المدى.

هذا التوجه اكتسب بعدًا عمليًا جديدًا عقب اللقاء الذي جمع أمين عام وزارة التربية والتعليم للشؤون التعليمية الدكتور نواف العجارمة مع نائب مدير عام مركز التعاون في مجال اللغات الأجنبية بوزارة التعليم الصينية يو تيان تشي. جرى خلال اللقاء بحث أطر التعاون بين الجانبين، واستعراض فرص إدراج اللغة الصينية في المدارس الحكومية الأردنية، بما يمهّد لمستقبل أكثر انفتاحًا وتعاونًا في مجالات التعليم والثقافة.

الدكتور العجارمة أكد حرص الوزارة على تطوير المنظومة التعليمية بما ينسجم مع المتغيرات العالمية ويعزز مهارات الطلبة، مشيرًا إلى أن بعض المدارس الخاصة في الأردن بدأت بالفعل بتدريس اللغة الصينية. وأضاف أن الوزارة ستدرس إدراجها في عدد من المدارس الحكومية، في إطار سعيها لتوسيع خيارات اللغات الأجنبية أمام الطلبة بما يلبي متطلبات المستقبل وسوق العمل الدولي.

في المقابل، أوضحت يو تيان تشي أن اللغة الصينية تُدرَّس اليوم في الكثير من دول العالم، من بينها دولة عربية، ما يعكس اتساع حضورها وأهمية انتشارها عالميًا. كما عبّرت عن تطلع السفارة الصينية في عمّان لتعزيز التعاون مع الأردن في هذا المجال، مؤكدة استعداد الجانب الصيني لدعم البرامج التعليمية من خلال توفير الخبراء والمعلمين والمواد التعليمية، إضافةً إلى توسيع نطاق التبادل الثقافي والأكاديمي.

هذا التقارب يعكس رغبة البلدين في الارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى مستويات جديدة تتجاوز الجانب الاقتصادي إلى تعزيز الروابط الإنسانية والثقافية. فتح آفاق تعليم اللغة الصينية للطلبة الأردنيين يعني منحهم فرصة التفاعل مع واحدة من أقدم الثقافات وأكثرها تأثيرًا في العالم الحديث، كما يتيح لهم اكتساب مهارات نوعية تُسهم في تعزيز فرصهم المستقبلية في مجالات التجارة والتكنولوجيا والبحث العلمي والتعاون الدولي.

كما أن إدراج اللغة الصينية في المدارس يمثل استثمارًا تربويًا استراتيجيًا، يهدف إلى إعداد جيل قادر على التواصل مع ثقافات متنوعة والانخراط في بيئة عالمية تتغير باستمرار. فتعلم لغة جديدة يفتح للطلبة أبوابًا معرفية وثقافية واسعة، ويعزز قدراتهم على التفكير النقدي وتقبل التنوع، إضافة إلى دوره في دعم العلاقات الدبلوماسية والشراكات الاقتصادية بين الدول.

من جهة أخرى، يبرز هذا التعاون ضمن مسار طويل من العلاقات الودية بين الأردن والصين، إذ يشهد البلدان تعاونًا متزايدًا في مجالات التعليم، البنية التحتية، التكنولوجيا، والاستثمارات. ومن شأن توسيع تعليم اللغة الصينية أن يعمّق هذا التعاون، ويؤسس لجيل يمتلك أدوات التفاهم والتفاعل الإيجابي مع الشركاء الدوليين، وعلى رأسهم الصين.

ختامًا، فإن التوجه نحو تدريس اللغة الصينية في المدارس الأردنية ليس مجرد إضافة لغوية للمنهاج، بل خطوة استراتيجية تعكس رؤية مستقبلية تضع التعليم في صلب التحولات العالمية. إنها مبادرة تسعى لتعزيز التواصل الثقافي، وتطوير مهارات الشباب الأردني، وترسيخ شراكة متوازنة ومستمرة بين الصين والأردن، بما يعود بالنفع على البلدين ويمهّد لمسارات تعاون تمتد لسنوات طويلة قادمة.
تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير