وائل منسي يكتب : أمسية بعبق "التغريبة الفلسطينية" وملحمة الأندلسيات وظلال "عمر"
نبأ الأردن -
كان مساء أشبه بعودة إلى الذاكرة نفسها، حين جلستُ في حضرة الأستاذ الدكتور وليد سيف، الرجل الذي صاغ للتاريخ صوتًا وللوجدان صورة، فامتلأ المكان بعبق "التغريبة الفلسطينية" وملحمة الأندلسيات من صقر قريش إلى المعتمد بن عباد، وبظلال "عمر" الذي خلّده مع رفيق روحه الراحل الكبير حاتم علي. لم يكن اللقاء عادياً؛ كان امتداداً لذلك الخيط الخفي الذي يربط المبدعين بالزمن، ولعلّه المشهد الأقرب إلى لقاء السحاب، كما حدث حين التقت أم كلثوم بمحمد عبد الوهاب لأول مرة.
وفي لحظة دفء إنساني نادرة، سألتُ الدكتور وليد عن مشهد الهجرة في المسلسل الخالد التغريبة الفلسطينية الذي لم يغادرني منذ سنين. رويتُ له أن والدي، رحمه الله، لم أبصر دموعه إلا مرتين: مرة يوم رحيل جدي في منتصف السبعينيات في السعودية، ومرة عندما شاهد مشهد الهجرة عام 1948، لأن خالد تاجا بدا كأنه يستعيد هيئة جدي بطوله ولباسه وحدّة حضوره. فالتاريخ عندما يُكتب بالصدق يتحول إلى مرآةٍ تُبكي من يعرف الوجع جيدًا.
كان حديثنا يتحرك بين الفن والتاريخ، بين الدموع والرمز، بين الدراما التي كتبها وبين الحياة التي عشناها، حتى بدا اللقاء وكأنه فصل غير مكتوب من أعماله… فصلٌ يُروى بالقلب لا بالكاميرا، وبالذاكرة لا بالورق.

























