د. وليد العريض يكتب:الغابة التي لا يُستجاب فيها الدعاء ..خرائطُ الذين يكتبون الظلال

{title}
نبأ الأردن -
لم يكن مشروع القمر الوطني الجديد محاولةً لتجميل الليل
ولا خطوةً في طريق العلم،
بل كان إعلانًا بأنّ من يملك الضوء…
يملك القدرة على إعادة رسم الغابة كما يشاء.
الثعالبُ لم تغيّر شكل القمر بحثًا عن الجمال
فالجمال آخر ما يشغل الذين يعيشون على الخديعة،بل غيّرته كي يصبح الليلُ نفسه
خريطة امتيازات:

حيث يمرّ الذيل يلمع النور
وحيث يسكن المقهورون يتمدّد الظلام كأنّه قدرٌ لا يُناقش.

خريطة الضوء… أو كيف تُعاد كتابة الحقيقة؟

استيقظت الحيوانات على ليلٍ مختلف.
لم تعد الحقول العطشى ضمن خريطة المطر
ولا مخازن القمح في مواقعها القديمة
فالسناجب شاهدت كيف انتقلت إلى المربّع الذهبي
حيث تُعاد كتابة القوانين على مقاس الذيول.

حتى الريحُ نفسها
غادرت مساراتها المتوارثة عبر القرون
وصارت تمرّ أولًا فوق قصور النخبة
قبل أن تتذكّر أنّ في الغابة كائنات تتنفس.

أما الذئاب—حُراس الأرض
فقد أدركت أن الخرائط تعاد كتابتها فوق رؤوسها
بينما الغزلانُ فهمت أنّ الدروب القديمة
لم تعد تُفضي إلى ينابيعها الأولى.

اللجنة… الاسمُ براق والفعلُ مفترس

عقب نجاح مشروع القمر أعلنت الثعالب تشكيل لجنة جديدة:

لجنة إعادة ترسيم حدود الغابة.
كلمات كبيرة تتدحرج:

تنظيم… تحديث… أمن حيوي… تطوير بنيوي…
لكنّ الكائنات التي خبرت المخادعين
قرأت الحقيقة بين السطور:

هذه ليست خرائط تنمية
بل خرائطُ ابتلاعٍ للقليل المتبقّي.

ففي اليوم الأول:
اقتطعوا جزءًا من الحقول بدعوى سوء الاستغلال.
وفي الثاني:

ضمّوا نهرًا صغيرًا إلى مناطقهم بحجة تطوير القطاع المائي.
وفي الثالث:

مُحيت غابات كاملة
وصارت منطقة اقتصادية جديدة.
والكائنات الفقيرة صمتت
لأنّ الصوت أصبح تهمة.
والحمير صَفّقت
لأن التصفيق أصبح وظيفة.
والقرود بثّت الخريطة الجديدة وهتفت:

هذه أعظم خرائط عرفتها الغابة عبر تاريخها!
عودة البومة المنفية… لتحذّر من القادم

في ليلةٍ بلا ضوء
ظهرت البومة المنفية على أطراف الغابة.
رأت التلاعب بالحدود
وابتلاع الدروب
وتزوير خطوط الماء والهواء.
فهمست بصوتٍ يشبه حكمة الكتب القديمة:

من يملكُ الخارطة… يملك الحقيقة.

وأضافت:
وفي الغابة التي تُصنع خرائطُها بالمكر
تُمحى الذاكرة قبل أن تُمحى الجغرافيا.

الغراب… المؤرخ الوحيد الذي لا يُباع
عاد الغراب إلى الشجرة المحترقة
حيث يسجّل تاريخًا لا يريد أحدٌ قراءته.
نظر إلى خرائط الثعالب المعلّقة في الهواء
ونقر بمنقاره
 وقال:

الذيل لا يرسم خريطة…
الذيل يرسم كمينًا.
ثم كتب تحتها:

ما أعادوا تقسيم الأرض…
بل أعادوا تقسيم الولاء.
رفرف بجناحيه فوق الظلام وقال للبوم والذئاب والغزلان وكل المقهورين:

القمر الجديد… والخرائط الجديدة…
مجرّد مقدّمات للخطوة الأخطر:

الثعالب ستكتب تاريخ الغابة،
وستحذف كلّ أثرٍ للحكماء…
وكلّ سطرٍ يذكّر بأنها دخلت الغابة يومًا كضيوف.

ثم طار
لكنه ترك في الهواء صدى لا يُمحى:
الحلقة القادمة… ليست جغرافية فقط،
إنها معركةٌ على الذاكرة.
      ... 
وخاتمتي:
وما الخرائطُ إلا حيلةٌ نُحِتَتْ
لِيملكَ القومُ صبحَ الأرضِ والظُلَما
إذا تَحَكَّمَ في دربِ الغابةِ ذَيْلُهُمُ
تَحَوَّلَ العدلُ وَهْمًا… والحقُّ مُنْقَسِما.
تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير