امل خضر تكتب: الملك عبدالله الثاني هندسة القيادة في زمن الأعاصير
نبأ الأردن -
.. رأيته في المنام كأن الليل انشقّ عن ضوء،
ووقف الملك عبدالله الثاني في قلب المشهد ،كما يقف المنقذ حين تضيع الطرق ويضطرب اليقين.
لم يتحدث،لكن حضوره كان رسالة أقوى من الكلمات؛رسالة تُشعر القلب أن الوطن لا يسقط،وأن اليد التي تُمسك بخيط الأمل لا ترتجف . صحوت وامسكت القلم فما وجدت منه إلا أن بدء يرسم الحروف بحب وعشق وراحة وأمل.
ففي تاريخ الدول، ثمة لحظات تُختبر فيها صلابة الزعماء أكثر مما تُختبر فيها قدرات الجيوش. لحظات يتوقف عندها الوطن على خيطٍ رفيع بين الاستقرار والاضطراب، فيكون القائد هو ميزان النجاة.وفي الأردن، لم يكن هذا الميزان في يومٍ من الأيام منفصلًا عن الملك عبدالله الثاني ابن الحسين؛ الرجل الذي أعاد تعريف معنى القيادة في منطقة تُحكمها التقلبات.برؤية تتقدّم على زمنها
في عالم سياسي يتغير بسرعة الضوء، برز الملك عبدالله بثبات رجل يعرف أن القيادة ليست رد فعل، بل قراءة ما قبل الفعل.
فما يميّز شخصيته السياسية – وغالبًا ما تغفله التحليلات التقليدية – هو قدرته على استباق الأحداث، وقراءة اتجاهات المنطقة قبل أن تتخذ شكلها النهائي، وإدارة الملفات الإقليمية والدولية ببراغماتية محسوبة لا تنحاز إلا لمصلحة الأردن.
ليست هذه رؤية تُبنى على العاطفة، بل رؤية صلبة تستند إلى معرفة عميقة بالجغرافيا السياسية، وإلى إرث هاشمي طويل يمزج الحكمة التاريخية بالوعي الحديث. قائد وقيادة حكيمة مميزة ومتميزةوالتي يمكن وصفها بالقيادة من خارج دائرة الضجيج .
قوة الملك عبدالله لا تنبع من الحضور السياسي الظاهر وحده، بل من هدوء مدروس يشكل جزءًا جوهريًا من فلسفة الحكم لديه.
في زمن تتجه فيه السياسة نحو الاستعراض، يختار الملك طريقًا مغايرًا أن يعمل أكثر مما يتحدث، وأن ينجز قبل أن يصدر البيانات، وأن يجعل النتائج هي المتحدث الرسمي عنه.
هذا الأسلوب – الذي يبدو للبعض بسيطًا – هو في الحقيقة مدرسة قيادة معقدة وعميقة، تعتمد على ضبط الإيقاع الداخلي للدولة، واحتواء التحديات قبل أن تتضخم، وبناء الثقة بين المواطن والدولة على أساس من الالتزام والمسؤولية.
البعد الإنساني… عنصر القوة غير المعلن قد يكتب كثيرون عن السياسة، لكن القليل يتوقف عند التفاصيل الإنسانية التي تشكل عماد شخصية الملك.تلك اللحظات العفوية التي يظهر فيها بين الناس، بلا ترتيبات مسبقة ولا عدسات مصطنعة.
نظرة لأسرة شهيد، موقف مع طفل، حديث بسيط مع بائع أو جندي…
تفاصيل صغيرة، لكنها ترسّخ حقيقة واحدةالملك عبدالله لا يضع مسافة بينه وبين شعبه.
وهذه العلاقة ليست مجاملة بروتوكولية، بل عنصرًا فعليًا في بنية الاستقرار الأردني؛ إذ تتأسس عليها ثقة الناس في أن القيادة ليست منفصلة عن واقعهم. جعل من
صوت الأردن صوتا يرن في كل العالم.
حين يتحدث الملك عبدالله على المنابر الدولية، لا يتحدث بلغة العاصفة، بل بلغة الدولة الواثقة.
يضع الأردن في قلب الحوار العالمي، ويجعل من قضاياه محورًا للنقاش الدبلوماسي، خصوصًا في الملفات التي تخص السلام الإقليمي، ودعم الاعتدال، وحماية الأمن الإنساني.
ولعلّ ما يميّز حضوره الدولي هو الصدق السياسي لا يبدّل مواقفه تبعًا للمرحلة، بل يحافظ على ثبات المبدأ مع مرونة الوسيلة، فيجمع بين احترام العالم وثقة الداخل. مما جعله
حارس الاستقرار وحامل عبءالجغرافيا
الأردن ليس دولة سهلة في الخريطة.
هو ملتقى خطوط التوتر، ومحور صامت يتقاطع عنده الإقليمي والدولي، ومع ذلك ظل ثابتًا على مدى عقود.
هذا الثبات لم يكن نتاج الصدفة، بل نتاج إدارة دقيقة يقودها الملك عبدالله، يمزج فيها بين القوة الأمنية، والاتزان السياسي، والمرونةالاقتصادية، والحصافة الدبلوماسية.
لقد أدرك مبكرًا أن الاستقرار ليس شعارًا، بل مشروع دولة يُبنى يوميًا، ويتطلب حراسة مستمرة، ورؤية واضحة، وقيادة لا تتردد في اتخاذ القرار الصحيح مهما كان ثقيلًا.
قيادة تتقدم حيث يتراجع الآخرون
في لحظات المفاصل الكبرى، حين تتقاطع الأزمات وتضيق الخيارات، برز الملك عبدالله كقائد لا يخشى أن يكون في مقدمة المشهد.
لا يُجامل على حساب الدولة، ولا يؤجل مصلحة الوطن، ولا يترك المسار للأقدار.
هذه القدرة على اتخاذ القرار حين تتردد الدول، وعلى الثبات حين يتزعزع الآخرون، هي سرّ استمرارية الأردن واستقراره.
الملك الذي حافظ على "خيط النجاة” مقالي ليس مديحا، بل قراءة موضوعية لجوانب عميقة في شخصية الملك عبدالله الثاني، تلك التي لا تتصدر عناوين الصحافة لكنها تشكل الركائز الحقيقية للدولة
رؤية عميقة تتقدّم على الأحداث
قيادة هادئة تبني ولا تُظهر
إنسانية حقيقية ليست جزءًا من البروتوكول
ثبات سياسي يصون موقع الأردن وسط العواصف
حكمة هاشمية تجمع الإرث بالحداثة
إنه ملك يمسك بخيط النجاة الأردني منذ ربع قرن… ويشدّه كلما حاولت العواصف أن تمزقه. حلمي وواقعي عشق لوطن وأرض وقيادة.

























