عبدالهادي راجي المجالي يكتب : كم أرهقنا (البزنس بارك) !

{title}
نبأ الأردن -
تابعت ما حدث في التلفزيون الأردني ، ماذا يعني هذا ؟ ...هذا يعني ببساطة أن مؤسسات الدولة مستباحة ، ماذا مثلا لو كان الهجوم على قناة المملكة فهل ستكون ردة الفعل بمثل ما يحدث الان ؟ ...
التلفزيون مؤسسة مثلها مثل رئاسة الوزراء ، مثل وزارة الخارجية ، مثل الأمن العام ..لماذا حين تهاجم وزارة الداخلية مثلا يتنطح ألف قلم وألف صفحة للحديث عن سجايا وفضائل الوزير ، لماذا حين تهاجم مؤسسة مثل رئاسة الوزراء تجد ألف رد ..هذا يدعوني إلى استنتاج مهم وهو أن الرئاسة راضية عما يحدث من نحر لذراعها الوطني ، وهذا يدعوني لاستنتاج أخطر وهو أن وزير الإعلام هو الاخر غائب في زاوية الصمت ، وراض كل الرضى عما يحدث لأنه يعتقد في قرارة نفسه أن تعيين غيث الطراونة وابراهيم البواريد لم يكن قراره ، ولو كان قراره لما تركهم في هذه العاصفة ...هل عدنا لزمن الزبائنية في المؤسسات العامة ؟
عزيزنا رئيس الوزراء .
التلفاز يتخبط أنا أعرف ذلك ، ووزير الإعلام لايتدخل ...والدولة غائبة ، لنفترض أن كل ما فعله التلفاز كان (خاطئا) ، ولنفترض أن غيث والبواريد ، أوغلوا في الخطيئة ، سؤالي أين المرجعية الرسمية الممثلة بوزير الإعلام ودولتكم في تصويب الوضع ؟ ...
أزمة التلفاز هي أزمة صراعات المواقع العليا في الدولة ، هي أزمة قلم يحرك من موقع حساس وعبر موظف ، يمتلك خلافات شخصية مع كادر التلفاز ، هي أزمة تسخيف الموظف العام ، وهي أزمة اغتيال البيروقراط الرسمي ...كم شعرت بالألم قبل يومين وأنا أقرا عن اتهامات ، لرئيس مجلس الإدارة بأن له مزرعة يدعو عليها الخلان والموظفين ...هل وصلت الأخلاق بالناس لدرجة أن نتهم مسؤولا في الدولة بكرامته وسلوكه الشخصي ؟ ... هل وصلت الأخلاق بالناس إلى التشهير بخصوصيات من عينته الدولة مديرا .
للأسف الدولة لم تعد تحمي ( أولادها) ، والصراعات بين مراكز القرار باتت واضحة وعلنية ، والإنسجام بين إعلام الديوان والإعلام الرسمي صار هشا جدا وصار البعض يتعاطى مع إعلام الدولة في إطار الفوقية ...ووزير الإعلام الحالي صارت وظيفته في حفل إشهار الدورة البرامجية الجديدة الهروب من الصور ، لدرجة أنه طلب ممن يجلسون على الطاولة معه ، منع تصويره حتى لا تكرر قصة (نسرين طافش ) معه .
ملف التلفاز الأردني ليس ملف غيث الطراونة ولا سماح الحياري ولا ابراهيم البواريد ، هذا ملف دولة وملف حكومة ...وإذا سمحت الدولة بنحر هذه المؤسسة بالطريقة التي تحدث الان ، وبمباركة من بعض مراكز القوى والخصوم ، فستكون النتيجة هي أن بقية المؤسسات قابلة للخضوع ولكل أنواع الإبتزاز الصحفي ..
أنا أقرأ كل ما يكتب ، وقرأت عن نفوذ سماح الحياري ، قرأت عن مخالفات إدارية للمدير العام ، وعثرات إدارية لرئيس مجلس الإدارة ..الغريب أن الحكومة لم تتدخل نهائيا ينطبق عليها المثل القائل : ( الطخ بناعور والعرس بقفقفا) ...كان من الممكن أن يقوم الرئيس بزيارة للمؤسسة ، ويطلع على كل شيء ويصدر توجيها بالتصويب ..الإعلام مثل مياه (البربيطة) ...لايجوز أن يستمر الصدأ فيها ، ولا يجوز أن يبقى وزير المياه قابعا في مكتبه ، تحركت الحكومة بسرعة وحلت القصة ..بالمقابل هذا الصدأ الذي ينتج عبر الأثير ، ألا يحتاج لحل من الحكومة مثلما حلت أزمة (البربيطة) ...
دولة الرئيس
دعني أفصح لك عما يقال في المجالس .
يقولون أن (مسطرتك) في الإعلام : قناة المملكة ، وأنك تشاهدها هي وحدها فقط ، وهي بالنسبة لك تمثل نموذج الإعلام الحقيقي ، حسنا لتكن النموذج لك فهذا حقك ....الرأي نحرت ، وصارت عبئا على الدولة ، والدستور تترنح ..والتلفاز الان صار في (الخداج) ، هذه المؤسسات لم تمثل الإعلام يوما بقدر ما مثلت الوعي في الدولة ، وبقدر ما كانت الاراء التي تطرح فيها تعتبر مرجعا للسياسي ...فهل نقبل بنحر الوعي الوطني .
منذ (28) عاما لم يغب مقالي عن الصحف ، عاصرت عهدين عهد الراحل الحسين وعهد الملك عبدالله - أطال الله في عمره - لكن في زمنك غاب ...صرت متقاعدا وأنا من جيل لا يمارس (الهبل ) على ( التيك توك) ..ولا يمارس الإبتزاز ، أنا من جيل كان يؤمن بالكتاب ، كان يقرأ الجابري وهيكل ونصر حامد أبو زيد ..أنا من جيل تعلم سلاسة صياغة الحرف عبر : بدر شاكر السياب ، وأمل دنقل ومحمود درويش ..أنا من الجيل الذي تتلمذ على يد هاشم ياغي ونصرت عبدالرحمن في الجامعة الأردنية ....هل كل هؤلاء العمالقة (كاذبون) ...والحقيقة والوعي وحده يختصران في (البزنس بارك) ...
كم أرهقنا (البزنس بارك) !
تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير