د.خليل النظامي يكتب : حاذر يا رئيس الحكومة!

{title}
نبأ الأردن -
ما قاله رئيس الوزراء يفضح العقلية المركزية العمياء التي ما زالت تدير شؤون الأردن والأردنيين منذ عقود، فـ كل ما ينفذ ويعلن يصب في عمان، وكأن الأردن بلد ذو مدينة واحدة، وكأن بقية المحافظات مجرد توابع لا تستحق الحياة، وهذا ليس بـ تخطيط وطني، بل هندسة مركزية للإنهاك والتهميش تعيد إنتاج نفس المعادلة والفلسفة القديمة، (الأردن هو عمان، وعمان هي الدولة)، وهذه ذهنية خطيرة لا تصنع تنمية، بل تخلق خلل بنيوي يتفاقم ويتوسع.

فـ تكرار الحديث عن المشاريع الاستثمارية الخارجية، والبنى التحتية والنقل والجسور والباص السريع في العاصمة ليس إنجاز، بل إقرار بالفشل الإداري والتنموي، فـ المشكلة لم تكن يوما في العاصمة عمان، بل في غياب العدالة بتوزيع التنمية والفرص بين المحافظات كافة.

هذه المقاربة التي أنت تسير وفقها تخالف مبدأ التنمية المتوازنة الذي نصت عليه الاستراتيجيات الوطنية وخطط "رؤية التحديث الاقتصادي"، فـ منهجية تكثيف المشاريع في عمان وحدها يزيد من الفوارق الطبقية والمكانية ويعزز الهجرة الداخلية نحو العاصمة، وهو ما يضاعف أزماتها التي تدعي الحكومة معالجتها أصلا.

ثم، كيف يمكن لحكومة تدعي الإصلاح أن تنفق مئات الملايين على تحسين حركة السير في العاصمة، بينما قرى الجنوب بلا طرق صالحة ومدارسها بلا بنية تحتية، وشمال البلاد يعاني بطالة وفقر وهجرة داخلية مستمرة..!!!!؟ فـ هل التنمية في قاموس الحكومة تعني الجسور والإشارات الذكية داخل عمان فقط...!!!!؟

البلاد تتآكل من الأطراف، لا من المركز، والمحافظات تفرغ من شبابها لأنهم لا يجدون عمل أو بيئة إنتاجية، والقرى تتحول إلى مناطق أشباح، والمدن الصغيرة تخسر مدارسها ومراكزها الصحية، فيما العاصمة تزداد اختناق وتستنزف نصف موازنة الدولة بحجة الخدمات المركزية.

والخطاب الحكومي الرسمي الذي يفاخر بالباص السريع والقطار داخل العاصمة ما هو إلا استهتار بـ حقوق المواطن في الأطراف، ذاك المواطن الذي يرى كل يوم كيف تبنى المشاريع بمئات الملايين على بعد مئات الكيلومترات من قريته، بينما طريق قريته مكسر ومطبش وغير معبد ومدرسته بلا تدفئة، ومركزه الصحي كأنه وكر للذئاب.

من يريد إنقاذ الأردن يا دكتور، يبدأ من الأطراف، لا من الدوار الرابع والخامس،،،

أم أن هناك (شخصيات ولوبيات) لا تريد لمناطق الأطراف أن تنمو وتستقل اقتصاديا وتصبح جزء من القوى الاقتصادية، من اجل بقاء المركزية في العاصمة عمان المسيطرة على شبكة النفوذ والقرار..!!!!!

ونصيحتي لك، حاذر من أن تدخل نفسك وحكومتك في دائرة التمييز الجغرافي،،
تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير