م.صلاح طه عبيدات يكتب: عندما يكثر التكريم ويتردى الإنجاز

{title}
نبأ الأردن -
..عندما يفيض الوطن بالتكريم وتندر فيه الكفاءة، يبدو المشهد وكأننا نحتفي بالظل ونغفل عن الجذر. تُوزَّع الدروع والشهادات كما لو كانت صكوك غفرانٍ إداري، بينما يئن الواقع من ضعف الأداء وغياب الإتقان.
لقد أصبح التكريم في بعض مؤسساتنا طقساً شكلياً أكثر منه اعترافاً حقيقياً بالمنجز، وأداةً لتجميل العجز بدل أن يكون مرآةً للتميّز. إنّها أزمة قيم قبل أن تكون أزمة إدارة، وأزمة وعي قبل أن تكون أزمة كفاءة.

حين يُقدَّم التصفيق على العطاء، والمظاهر على الجوهر، يختل ميزان الدولة، وتفقد المؤسسات روحها الخدمية التي وُجدت من أجلها. فالتكريم الحقيقي ليس في لوحةٍ معلقةٍ على الجدار، بل في وجوه الناس حين يشعرون أن الدولة تراهم وتخدمهم بإخلاص.

إنّ الحل لا يكمن في إلغاء التكريم، بل في تطهير معناه.
علينا أن نعيد صياغة فلسفة التقدير من جذورها:
أن نكرّم الفعل لا القول، والضمير لا المنصب، والإنجاز الملموس لا العلاقات العابرة.
أن يُبنى التكريم على معايير موضوعية تُقاس بنتائج العمل وتأثيره في الناس، لا بعدد الاجتماعات أو الصفقات الإعلامية.

كما يجب أن تُربط أنظمة التقييم المؤسسي بمستوى رضا المواطن، لا برضا المسؤول.
وأن تُستبدل ثقافة المجاملة بثقافة المساءلة، حتى يصبح الشكر نتيجةً طبيعية للإنجاز لا وسيلةً لتمرير الضعف.

حينها فقط، يعود للتكريم معناه القدسي، وتستعيد المؤسسات توازنها الأخلاقي، ويتحوّل الشكر من ديكورٍ إداري إلى قيمةٍ إنسانية سامية.
فالوطن لا يحتاج إلى مزيدٍ من التصفيق… بل إلى ضميرٍ يعمل بصمت، وينجز بصدق، ويترك أثره في حياة الناس دون أن يطلب وساماً أو كاميرا.
تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير