عبدالله بني عيسى يكتب : عن نوبل "ياغي" .. الجنسية والتطبيع

{title}
نبأ الأردن -
متوقع أن تتسابق الدول لتعلن صلتها بالعالم عمر ياغي بعد فوزه بجائزة نوبل للكيمياء، وهذا طبيعي، أما غير الطبيعي فهو أن مشهد الفوز لم يخلُ من أصواتٍ ذهبت إلى التشكيك في أسباب منحه الجائزة، هذه المرة عبر بوابة "التطبيع"، كما فعل البعض في محطاتٍ سابقة مع رموزٍ عربية نالت الجائزة ذاتها.
فحين مُنح نجيب محفوظ جائزة نوبل، بعد نحو عقدٍ من توقيع اتفاقية "كامب ديفيد"، كانت العلاقات العربية – المصرية تمرّ بفتورٍ شديد، فاعتبر بعض المثقفين العرب آنذاك أن الجائزة ليست تقديرًا للأدب، بل مكافأة سياسية لمصر الرسمية على "الصلح مع إسرائيل".
ولم يختلف المشهد كثيرًا مع أحمد زويل، إذ رأى آخرون أنه نال الجائزة لأنه يعمل في الولايات المتحدة، لا في مصر، فحاولوا انتزاع البعد الوطني من إنجازه وعدّوه نجاحا أمريكياً باسم عربي. فيما قال آخرون قالوا إن الجائزة سياسية لتلميع صورة الغرب في تعامله مع العلماء العرب.
اليوم، ومع فوز عمر ياغي، يتكرر المشهد ذاته من الشكوك والتأويلات، بين من يرى الجائزة سياسيةً، ومن يذهب إلى أنها محاولة لتلميع صورة الغرب في تعامله مع العلماء العرب، وحتى لتحسين صورة اسرائيل!.
لكن الحقيقة الأعمق التي ينبغي التوقف عندها هي أن العرب ما زالوا يعانون من مشكلةٍ بنيوية في تقدير الذات وفي الثقة بقدراتهم. فالفائزون لم يأتوا من فراغ، ولم تمنحهم الجوائز مجاملةً أو تزلفاً، بل نالوا الاعتراف بهم بعد جهودٍ فرديةٍ مضنية، وبدعم من مؤسساتٍ علميةٍ احتضنت عقولهم وقدّرت منجزهم.
أما ما يدعو إلى المرارة حقًا، فهو أن أيًّا من هؤلاء العلماء لم يكن ثمرة منظومةٍ عربيةٍ معرفيةٍ متراكمة أو نتيجة حالةٍ مؤسسيةٍ تنتج العلماء وتحتضن النخب. إنّ التشكيك، في جوهره، ليس موقفاً نقدياً واعياً بقدر ما هو تعبير عن عقدة نقصٍ تهيمن على الوعي الجمعي العربي، تعيق قدرته على الفرح بالمنجز وتدفعه إلى نفي فضله، كلما تجرّأ أحد أبنائه على تجاوز حدود العجز.
تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير