د. وليد العريض يكتب : السيناريوهات القادمة حتى ٧ اكتوبر ٢٠٢٦
نبأ الأردن -
*- السيناريو الأول: "الاستنزاف المقنَّن" – جمهورية التهدئة الدائمة
في هذا السيناريو، يعيش الجميع في وطنٍ من الهدنات.
السماء تُقصف نهارًا… وتعتذر ليلًا.
المفاوض يمدّ يده للمصافحة وهو يضع القفاز الواقي من الدم.
الناس تحصي الأرواح كما يُحصي موظف المالية العُملة المعدنية: بتعبٍ وبلادةٍ وابتسامةٍ جبرية.
في جمهورية التهدئة الدائمة، تُوزَّع المساعدات على دفعات تشبه قطرات السيروم في غرفة إنعاش
ويُمنع على أحد أن يتحدث عن نصر أو هزيمة لأن المفردتين خاضعتان للرقابة الأخلاقية.
أما المقاومة فتُمارس رياضتها اليومية: الصمود في وجه المستحيل…
بينما إسرائيل تُمارس هوايتها المفضلة: إعادة تعريف النصر كل أسبوعين.
العالم يُدين… ثم ينام. والعرب ينامون… ثم يُدينون.
**-السيناريو الثاني: "وقف النار المُلزِم" – مؤتمر الابتسامات الإلزامية
ها قد جاء السلام... يرتدي بدلة رمادية ويحمل بيده دفتر توقيعات.
الابتسامات تُوزَّع كما تُوزَّع بطاقات التموين.
اللجنة الدولية تُشرف على إعادة الإعمار بشرط ألّا تُعمَّر النفوس.
والإدارة الفلسطينية التقنية تتدرّب على فنّ التنفّس دون سيادة.
إسرائيل تتنفس الصعداء لأن الهدوء عاد،
ثم تختنق لأنها قد تضطرّ إلى تنازلات سياسية،
بينما المبعوث الأممي يتحدث عن أفقٍ جديد،
لكن الأفق من جهة غزة يظلّ مغطى بدخانٍ كثيف من الأنقاض القديمة.
الكلّ سعيد لأن الحرب توقفت
ولا أحد لاحظ أن العدالة ما زالت تحت الأنقاض،
تنتظر تصريح دخول من المعبر.
السيناريو الثالث: التصعيد المتدحرج – مهرجان الجبهات المفتوحة
في هذه المسرحية، تُفتَح الجبهات كما تُفتَح المتاجر في موسم التخفيضات.
كل ضربةٍ نوعيةٍ تُقدَّم على الهواء مباشرة مع موسيقى وطنية… ورعاية شركات السلاح.
السماء مزدحمة بالمسيّرات والبحر ممتلئ بالقوارب الغاضبة
وكل طرفٍ يقسم أنه لا يريد الحرب، بينما يجرّب صاروخًا جديدًا لأغراضٍ دفاعية بحتة.
المدنيّون يهربون والجنرالات يكتبون تغريداتٍ فخمة عن الصبر والصمود.
الاقتصاد الإسرائيلي يترنّح والفلسطيني يتنفس الغبار،
لكنّ المعركة تظلّ مقدّسة لأن لا أحد يجرؤ على سؤال:
من الذي بدأ هذه الجولة؟
الجميع يُقسم أنه كان يردّ على استفزازٍ سابقٍ غير محدّد التاريخ.
السيناريو الرابع: التفكّك الإسرائيلي – حين تتشاجر القبيلة داخل الخندق
هنا المشهد مختلف: تل أبيب تكتشف أن مرآتها لا تُجامل.
اليمين يلعن اليمين، واليسار يعتذر لليمين لأنه لم يلعنه مبكرًا.
الجنرالات يتبادلون الاتهامات في لجان التحقيق
وكلّ سياسيٍّ يكتب مذكّراته قبل أن يُدان.
الاحتجاجات في الشوارع تُنافس أصوات صفّارات الإنذار،
والمستوطنون يتساءلون إن كان وعدُ الأرض الموعودة يشمل هذه الفوضى أيضًا.
وفي الخلفية المقاومة تتابع المشهد كمن يشاهد مسرحيةً كوميدية حزينة
تقول في سرّها:
دعهم يختلفون أكثر، فربّما نجد وقتًا لإعادة بناء بيتٍ قبل الجولة القادمة.

























