ميسر السردية تكتب : مرافئ
نبأ الأردن -
أُحدِّق بالخبر، أستعيده في ذهني مرارًا وتكرارًا... مسيراتٌ تفيض بالميادين، تجوب الطُّرقات في هديرٍ لا يهدأ. نقاباتُ العمال تعلن الإضراب. يا إلهي، ما أبهى تلك الشموع وهي تُضيء وجوه صبايا روما! وما أروع القامات الشامخة لرجالهنّ، يرفعون راية فلسطين كأنهم يعبرون إلى قمة التاريخ ... أكان الفتى أنطونيوس سيبدو هكذا، ممتشقًا حسامه في وهج اللحظة؟
حين أزور آثار جرش، سألمس أعمدتها بروحٍ مختلفة عمّا مضى. سأطيل الوقوف أكثر ممّا تعوّدت على مدرّج عمّان الروماني، أُصغي في صمتٍ إلى صرخات الأحفاد التاريخيين الذين أراهم في الصور وأتتبّع صيحاتهم من وراء المتوسّط.
لقد تصالحتُ مع نيرون وكاليجولا ويوليوس قيصر، وعلى مقربةٍ منهم ــ في ذات اللحظة ــ عفوتُ عن فرديناند وإيزابيلا.و شعرتُ بالأسف لأنّي قسوتُ يومًا على معلّم اللغة الإسبانية في جدالٍ عن مَن بنى الأندلس: أجدادي أم أجداده؟ ولو عاد بي الزمان إلى ذلك النقاش الحاد، لقلت له إنّ الأمر لم يعُد يعنيني؛ لا مصير أبو عبد الله الصغير، ولا أين ارتحل ركبُ أمه عائشة.

























