د. وليد العريض يكتب:فلسطين على بوابة الشرق الآسيوي: تعقيب على دراسة د. وليد عبد الحي

{title}
نبأ الأردن -
تأتي هذه الدراسة الصادرة عن مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات (25 تشرين الأول/أكتوبر 2023) بعنوان:
«ردود الفعل الآسيوية على عملية طوفان الأقصى: قراءة أولية» للدكتور وليد عبد الحي، لتضيء مساحة قلّما طُرقت بعمق: موقع فلسطين في وعي ووجدان قارة آسيا وكيف تتفاعل القوى الكبرى والناشئة فيها مع لحظة تاريخية فارقة مثل عملية طوفان الأقصى.

جدية الدراسة وعمقها:

ما يلفت في هذه الورقة هو الجدية الأكاديمية التي تتكئ على رصد ممنهج لمواقف الدول والمنظمات الآسيوية، مع تحليل هادئ يبتعد عن الانفعال، لكنه لا يُسقط الأبعاد الأخلاقية والإنسانية للصراع. فهي لا تقف عند حدود الإحصاء الجاف، بل تسعى إلى تقديم خريطة ذهنية شاملة للعلاقات بين فلسطين وآسيا تربط بين السياسة والاقتصاد والثقافة، في شبكة معقدة من المصالح والتوازنات.
الأهمية الرمزية والسياسية
اللافت أن الدراسة تنبّهنا إلى أن فلسطين لم تعد قضية محصورة في نطاقها العربي أو الإسلامي فقط، بل أضحت اختباراً أخلاقياً وسياسياً أمام قوى مثل الصين والهند وإندونيسيا وماليزيا وغيرها. وكأن فلسطين بما تمثله من مظلومية تاريخية، تتحول إلى مرآة تُظهر صدقية هذه القوى في خطابها عن العدالة والتحرر.
وهنا يتجلى البعد الرمزي: فحين تساند أمم بعيدة القضية الفلسطينية، فإنها في الحقيقة تسند ذاتها في معركة إنسانية ضد الظلم، تماماً كما لو أن القدس أصبحت قِبلة القيم التي لا تختبر العرب وحدهم بل شعوب العالم بأسره.
دروس وإشارات
الدراسة تُظهر أن المواقف لم تكن على وتيرة واحدة: بين دول آثرت الحياد البارد وأخرى تبنّت خطاباً داعماً بوضوح. وهذا يعكس عمق التباينات داخل آسيا نفسها.
المثال البسيط على ذلك: في الوقت الذي اكتفت فيه بعض الحكومات ببيانات شكلية، خرجت ملايين الشعوب في شوارع جاكرتا وكوالالمبور لتعلن أن فلسطين قضية قلب لا تُقاس بميزان المصالح فقط.
وهنا نلتقط جوهر التحليل: أنّ الموقف الشعبي الآسيوي أقوى من مواقف النخب السياسية وهو ما يمنح فلسطين سنداً استراتيجياً طويل الأمد.


في الخاتمة

إن ما قدّمه د. وليد عبد الحي يرقى إلى ما يشبه البوصلة البحثية التي تدعونا لإعادة التفكير في عمق العلاقات الفلسطينية – الآسيوية، ليس كأحداث طارئة، بل كجزء من مستقبل مفتوح على احتمالات التعاون والتأثير المتبادل.
إنه نصّ لا يكتفي بالتحليل، بل يزرع فينا سؤالاً ملحّاً: كيف يمكن للفلسطيني والعربي أن يحوّل هذه المواقف المتفرقة إلى قوة استراتيجية؟
وعليه أجد أنّ هذه الدراسة ليست مجرد قراءة أولية، بل بذرة لوعي جديد يرى في آسيا امتداداً طبيعياً لفلسطين وفي فلسطين اختباراً دائمًا لقيم آسيا.
تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير