زهدي جانبيك يكتب : رحم الله الراحل العظيم الحسين .. هل لدينا الشجاعة لمواجهة انفسنا؟

{title}
نبأ الأردن -
هل لدينا الشجاعة لمواجهة انفسنا؟

اهل الصبر واهل السيف
نحن سادة في سوق الكلام كما نحن سادة في اللطم على التاريخ وتفويت الفرص تماما كما نحن سادة في عدم تحمل المسؤولية و تعليق نتائج أعمالنا على الآخر دائما.

وثيقة لندن "المملكة العربية المتحدة":

هذه الوثيقة التي أعدها يوسي بيلين و وقعها كلا من الحسين و شمعون بيريس في لندن عام ١٩٨٧ كانت تنص على اعادة الضفة الغربية بحدود ١٩٦٧ الى الادارة الاردنية من خلال مؤتمر دولي لا تحضره منظمة التحرير ويمثل الاردن فيه المصالح الفلسطينية. ويتم بعده تشكيل مملكة عربية موحدة من اتحاد كونفدرالي بين الاردن وفلسطين.
الحسين والاستشراف الاستراتيجي (Strategic Foresight) :

الاستشراف، هو عملية منهجية لاستكشاف الاحتمالات المستقبلية المتعددة وتحديد الإشارات والتحديات المستقبلية ... وترجيح الاحتمال الأكثر قربا للتحقق ... ومن ثم امتلاك الجرأة والشجاعة لاتخاذ قرار اليوم ليواجه ويعالج احتمالات المستقبل ... بكل ما في بيئة المستقبل من تعقيدات مجهولة للعامة.

وثيقة لندن تم افشالها من قبل التطرف الصهيوني والتطرف الفلسطيني ...

وفي خلال 8 شهور من توقيع وثيقة لندن انتصر اهل السيف على اهل الصبر وقامت الانتفاضة للمطالبة بنفس ما تم الاتفاق عليه على يد اهل الصبر في لندن ...
كانت الانتفاضة تمثل رد اهل السيف على وثيقة لندن.

اهل الصبر ردوا على رد اهل السيف، فأعلن الحسين الراحل رحمه الله قرار فك الارتباط ...

وأعتقد ان هذه اللحظة كانت هي اللحظة الفاصلة في توجه الحسين فيها نحو إنهاء حالة الحرب مع العدو الصهيوني... فقد استشرف رحمه الله المستقبل ورأى انه "ما فيش فايدة"...

القرار:

اتخاذ القرار بمصافحة العدو وعقد معاهدة السلام كان أصعب قرار يتخذه الحسين ... ولكننا اليوم نرى أن هذا القرار هو الذي أدى إلى حماية الاردن بكل ساكنيه من عربدة الصهاينة التي نراها اليوم على لبنان وسوريا والعراق واليمن وايران وقطر ... دون ان يردعها رادع او يمنعها مانع.

هذا القرار كان مبنيا على قدرة الحسين الهائلة على استشراف المستقبل بعد سلسلة تضييع الفرص والتي كان آخرها تخلي منظمة التحرير الفلسطينية عن الوفد المشترك في مؤتمر مدريد وانفرادها بتوقيع اتفاقية أوسلو... وفاز اهل السيف ...

اليوم
نقف نادمين على الفرص التي تفننا باضاعتها،... ولكنني شخصيا أقف مبهورا فعلا من قدرة الحسين على استشراف ما يحدث اليوم في العالم وقدرته وشجاعته على اتخاذ قرار السلام مع العدو...

وأعتقد اننا لو سرنا في ركب اهل السيف في ذلك الزمان لكنا اليوم في نفس الوضع الذي يجد فيه مجاهدي غزة الأشراف انفسهم ، حيث تخلى عنهم الجميع ... واستفرد بهم مجرموا الحرب ونكلوا بهم شر تنكيل تحت سمعنا وبصرنا جميعا ...

لنواجه انفسنا
نحن أجيال ما بعد النكبة والنكسة نلوم من كان من قبلنا ومن قادونا على انقسام سايكس وبيكو وعلى التفريط بفلسطين وغيرها ونقول اننا لا نلام على التركة البائسة التي تركوها لنا ...

واليوم ، تقف الأجيال الصاعدة أمامنا وهي تحمل المرآة امام وجوهنا لنرى أنفسنا على حقيقتها ... ونرى اننا الجيل الذي حقق مشروع برنارد لويس فمزقنا الممزق... وأضعنا ما تبقى من فلسطين وتركنا للأجيال القادمة سودانين، ويمنين، وليبيتين، وعراقين، وثلاث سوريات ولبنان بلا نكهة... وغيرها من المصائب

لنعترف
ان اهل السيف قد فشلوا في مشروعهم، وان اهل الصبر تم عزلهم في قوقعة انفسهم ... لنعترف اننا نحن كشعوب فشلنا في التربية وفشلنا في الإعداد والاستعداد وفشلنا في كل حركاتنا التحررية من الآخر ...والتحرر من انفسنا.

لنعترف اننا كشعوب، لا نحن نصرنا اهل السيف، ولا نحن دعمنا اهل الصبر... وخرجنا من كل ذلك كمثل معايد القريتين الذي ما فاز بعنب الشام ولا فاز ببلح اليمن ... ولم نكتفِ بعدم الحصول على العنب بل قتلنا الناطورين: ناطور السيف وناطور الصبر .
تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير