د . هايل ودعان الدعجة يكتب: تغير مسار احداث غزة لصالح الجانب الفلسطيني
نبأ الأردن -
رغم تعدد الخطط والمقترحات التي كانت امام نتنياهو لايقاف حرب غزة وتحرير الاسرى ، ومن ثم البقاء على بعض الدعم والتعاطف الغربي تحديدا ، الا انه رفضها جميعها تماهيا مع غروره واهدافه الشخصية من استمرارها . ومع احتلال غزة الاولوية على اجندات المجتمع الدولي في ظل ما تشهده من جرائم ومجازر وابادة جماعية لم يشهد التاريخ لها مثيلا ، شعرت معظم دول العالم ان لا حضور لها ولا تأثير في المنظومة الدولية التي تواجه هذا التحدي الذي تقف خلفه الولايات المتحدة ، التي ظهرت وكأنها وحدها من يمتلك القرار والنفوذ في هذه المنظومة ، التي وان كانت تمتلك الادوات والمؤسسات لادارتها وضبط حركتها والتحكم بمسارها .. الا انها كانت بلا انياب تمكنها من اداء دورها .
ولأن غزة مثلت المحطة التي كشفت كل هذا الخلل ، فانها في الوقت نفسه كانت بمثابة الاختبار لدول العالم لمعرفة حجمها ، ومدى اهليتها وقدرتها على ضبط هذه الفوضى التي سادت الفضاء الدولي بطريقة غير مسبوقة .
ومع استمرار هذا التحدي الذي اشعر الاطراف الدولية بالحرج ، وبضرورة ان يكون لها كلمة او موقفا يجعلها تشعر بانها موجودة ، ابى نتنياهو الا وان يمنحها مثل هذه الفرصة ، عندما قادته عنجهيته وغطرسته الى زيادة وتيرة هذه التحدي ، وهو يضرب بكافة الجهود والمساعي العربية والاقليمية والدولية الرامية الى وقف الحرب وتحرير الاسرى وادخال المساعدات الى قطاع غزة عرض الحائط . لتبدأ هذه الاطراف برفع قفاز التحدي هي الاخرى ، معلنة دخولها ساحة الاحداث لتشديد الخناق على الكيان الاسرائيلي وزيادة عزلته بالعقوبات وفرض المقاطعة عليه في المجالات العسكرية والاقتصادية والاكاديمية والثقافية والرياضية وغيرها، والاعتراف بالدولة الفلسطينية ، تعبيرا عن غضبها واحتجاحها واستنكارها لممارساته واجراءاته العدوانية والتعسفية بصورة جعلته يشعر بالقلق ، وبان الامور باتت تأخذ مسارات مختلفة اخذت تميل لصالح الجانب الفلسطيني ، الذي طالما عانى ودفع ضريبة انحياز دول الغرب تحديدا لجانب هذا الكيان العنصري الصهيوني ، قبل ان تظهر حقيقته .. ككيان موغل في القتل والبطش والاجرام . وما انسحاب وفود دول العالم من قاعة الجمعية العامة امس الجمعة عندما اعتلى نتنياهو منبرها لالقاء كلمته ، تعبيرا عن غضبها واحتجاجها على الابادة الجماعية وسياسة التطهير العرقي التي ينتهجها.. الا بمثابة صفعة دولية مدوية ، جعلته يشعر بالانكسار والاذلال والاهانة بعد ان بات العالم بصورة الحقيقة التي دفع الشعب الفلسطيني في غزة تحديدا الاثمان والاكلاف والتضحيات الباهظة جدا في سبيل كشفها .. بما يجسد نقطة تحول في مسار ملف القضية الفلسطينية اخذت تميل لصالح الجانب الفلسطيني على شكل موقف دولي جديد ، اساسه اعادة النظر في الحسابات والمواقف السابقة ، لجهة الانتصار للفلسطينيين وتبني وجهة نظرهم من بوابة غزة ، نصرة للحقيقة وتكفيرا عن الاخطاء الماضية ، التي اسهمت في ارتكابها السردية الاسرائيلية المزيفة والباطلة على امتداد سنوات الاحتلال ليبدأ العالم ومن جديد وان متأخرا ، في تصويب مسار الاحداث ، تماهيا مع منطق الامور بانتصار الحق بالنهاية .
الامر الذي يقف خلف اعلان الرئيس الاميركي عن خطته الاخيرة للسلام في غزة ربما ، والتي تلقى دعما وترحيبا عربيا واقليميا ودوليا ، بعد ان عرضها على بعض قيادات الدول العربية والاسلامية على هامش اجتماعات الجمعية العامة قبل ايام ، بما تمثله من تخلي او تحول في موقف الادارة الاميركية من الكيان الاسرائيلي العنصري ، وذلك على وقع التطورات والتحولات التي طرأت في مواقف العديد من دول العالم وتحديدا الاوروبية من هذا الكيان المعزول والمنبوذ عالميا ، كما تجلى ذلك في موجة الاعترافات بالدولة الفلسطينية .

























