د. بشير الدعجه يكتب: "جيل اليوم لا يعيش في جلباب الأمس… فامنحوه فرصة المستقبل"
نبأ الأردن -
للأمانة لم يسبق لي أن شاهدت الناشط على السوشيل ميديا "يزن النوباني" لا ڤيديو ولا مقطع ولا أي نشاط له في حياتي ومع ذلك لست ضد التجديد فأنا من الجيل التقليدي الذي نشأ على أجواء مختلفة تمامًا لكن هذا لا يعني أن أفرض على شباب اليوم أن يتذوقوا ما كنا نتذوقه نحن الواقع يقول إن الأجيال لا تتشابه فما كان يضحكنا قد لا يُضحكهم وما كنا نراه عميقًا قد يرونه مملًا هذه سنة الحياة جيل يسلّم جيلًا آخر قيادة الذوق والثقافة ومن يصر أن يبقى في جلباب أبيه إنما يعيق عجلة التطور.
خذوا مثلًا واضحًا في العالم كله تعتمد القنوات الكبرى على محتوى جديد يستهدف الشباب لأنهم الشريحة الأكبر والأكثر تفاعلًا مع الإعلانات وبلغة الأرقام الشركات المعلِنة تذهب حيث يتواجد الجمهور والجمهور اليوم في الغالبية العظمى هو جمهور الشباب فكيف نلوم التلفزيون الأردني إن حاول أن يمد يده نحو هذا الجيل بمحتوى يخصه؟
ثم لنفكر بعقلانية تكلفة إنتاج عمل فني قد تبدو كبيرة في ظاهرها لكنها إذا جذبت الإعلانات ووسعت قاعدة المشاهدين فإنها تعود بأضعاف على القناة أي أن المسألة ليست "هدر مال" كما يصورها البعض بل استثمار في مستقبل الشاشة الوطنية…
ولنا في الأردن شواهد واقعية تثبت نجاح التجديد فالمحتوى الشبابي على المنصات الرقمية أثبت أنه قادر على تحريك سوق الإعلان الأغاني الحديثة أصبحت تنافس التراثية في الحفلات والأعراس الدراما القصيرة أو الكوميدية المصورة بطرق عصرية جذبت جمهورًا لم يكن يلتفت أصلًا إلى الشاشة بينما بقيت الأعمال التراثية والبدوية تجد مكانها هذا يعني أن التنوع هو الحل والجديد لا يلغي القديم بل يفتح له آفاقًا جديدة
لكن السؤال الكبير لماذا نخشى التجديد؟ وهل يعقل أن نبقى نقيّد قراراتنا بردود الفعل اللحظية على السوشيال ميديا؟ هذه المنصات لا تمثل دائمًا رأي المجتمع بأسره بل تمثل الأكثر ضجيجًا وصانع القرار الإعلامي يجب أن ينظر إلى الصورة الكاملة لا إلى صخب مؤقت
وهنا تأتي المسؤولية المباشرة للتلفزيون الأردني وصنّاع القرار أن يضعوا إستراتيجية واضحة لتجديد المحتوى أن يفتحوا الباب أمام الشباب المبدع ليجرب ويبتكر أن يمنحوا فرصة لأفكار جديدة بدلًا من الاكتفاء بالمسلسلات التقليدية التي فقدت بريقها هذا ليس ترفًا بل ضرورة إذا أردنا لشاشتنا الوطنية أن تعود منافسًا حقيقيًا وسط بحر القنوات العربية
أنا شخصيًا لست من جمهور النوباني وربما لن أكون يومًا لكنني مع أن يكون له مكانه وجمهوره ومع أن نكف عن محاربة كل جديد قبل أن يولد لأن الإعلام الذي لا يتغير يموت ومن يريد البقاء في سباق لا يرحم عليه أن يواكب الأجيال لا أن يطلب من الأجيال أن تعيش في جلبابه
يا أصحاب القرار يا أهل الإعلام يا من تحملون أمانة الكلمة والصورة أمام الوطن افتحوا الباب للتجديد لا تخافوا من المختلف ولا تظلموا جيلًا كاملًا لأنه لا يشبهنا شبابنا ليسوا عدوًا للتراث بل امتداد له وهم قادرون أن يمزجوا بين أصالة الأردن وحداثة العصر
أرجوكم لا تتركوا التلفزيون الأردني أسير الماضي أعطوه دمًا جديدًا وروحًا جديدة فالإعلام سلاح لا يقل أهمية عن الجيش والاقتصاد وإذا أردنا أن يظل الأردن في قلب المشهد العربي فعلينا أن نثق بشبابنا وأن نمنحهم فرصة ليُثبتوا أن المستقبل لهم ولنا جميعًا وللحديث بقية.

























