د. ذوقان عبيدات يكتب:السلطة، والنخبة، والمجتمع
نبأ الأردن -
فئات ثلاث، بينها علاقات متشابكة؛ فالسلطة تفرِض، والمجتمع يخضَع، والنخبة ترفع وتمنع. تتحالف السلطة مع المجتمع؛ لتهميش النخبة. وتتملق النخبة إلى المجتمع؛ للوصول إلى السلطة "انتخابات ". ويتملق المجتمع إلى السلطة؛ للحصول على رضًا وخدمات. وهناك شعار مجتمعي يقول: السلطان هو من ابتعد عن السلطان! هناك أثمان تدفعها كل فئة للحصول على تحقيق ذاتها عن طريق السلطة.
(١)
*توازن قوى!*
السلطة فوق الجميع، والكل يرنو لها. فالسلطة هي القوة والتأثير، وفي العالم العربي هي الحكمة، والحقيقة، والصواب. والنخبة هي الفئة الأشد خطورة على السلطة. ولذلك، تخشى السلطة من النخبة، وتحاصرها، وتحيطها بأزمات متتالية حتى لا تنمو. والمجتمع مسالم مع ميل للسلطة. ومن أشكال التحالفات:
-تحالف السلطة والنخبة ضد هبّة المجتمع حين ثار على المناهج، ومناهج الموسيقى.
-تحالفت السلطة مع المجتمع ضد النخبة في قضايا التكفير، وقضية الشهيد ناهض حتر مثالًا.
وغالبًا تتحالف السلطة مع المجتمع في معظم قضايا اليسار، والتنوير، والحريات.
-تحالفت النخبة مع المجتمع في معظم القضايا السياسية، حيث حرضت النخبة المجتمع ضد مواقف السلطة، وتحالفاتها.
(٢)
*النخبة أنواع*
لكل تجمع نخبة، ولكل مهنة نخبة، ولكل حزب نخبة، مع أن الحزب نفسه نخبة.
. وهناك نخب سياسية، واقتصادية، واجتماعية وتربوية وهكذا. كيف تنشأ هذه النخب؟
السلطة لها نخبها الذين يروّجون لها. تستنبت أشخاصًا، وتسمّنهم، وغالبًا ما تختار زعماء من الدرجة غير المؤثرة، كالمخاتير الذين يجمعون الوفود للتأييد، أو ممن يقيمون احتفالات الدعم. ومن الغريب أن معايير السلطة في اختيار نخبها، لا تعتمد الكفاءة، وكأنها تثق أن الأكفياء لا يصلحون عملاء.
(٣)
*النخبة والثقافة*
في ندوة متميزة أدارها سعيد المصري، استضافت "المثقف المدهش" هزاع البراري، كشفت الندوة التحديات التي تواجهها الثقافة في علاقاتها مع السلطة، ومع المجتمع. مبرزًا القضايا الآتية:
-تفضل السلطة نخبًا ضعيفة، فلا يمكن لها السماح للمثقفين بالسيطرة على البرلمان، وغالبًا تتحالف السلطة مع مفاتيح المجتمع؛ للحصول على نواب لا "يتفلسفون" عليها.
-ترحب السلطة بالمختص، وليس المثقف. فالمختص لا يعرف سوى الله، وعمله، والصمت. بينما المثقف يبحث فيما وراء الظواهر. للمثقف وجهة نظر تزعج السلطة بالضرورة.
-تتحالف السلطة مع المجتمع لإعلاء سلطة المقدس، سواء أكانت قداسة دينية، أم وطنية. وهنا تحاصر الثقافة، وتغرق في الممنوعات.
-إن ضعف نخبة المثقفين هو قيمة مضافة للسلطة، وربما المجتمع أيضًا.
-ليس للثقافة قيمة إنتاجية عند السلطة، فهي تشجع الثقافة الاستهلاكية:
"السح "
"الدح نبو".
ففي الدول المتقدمة تشكل الثقافة خمس الدخل القومي.
-الأغنياء يشترون الثقافة، والسلطة كذلك، فالأغنياء يشترون اللوحات، والسلطة تشتري منافقين، ونصف مثقفين. ولو سألت أي أردني عن أشهر عشرة منافقين لعدّدهم لك بسهولة. فالثقافة السطحية والاستهلاكية سلعة مطلوبة.
(٤)
*مطلوب إصلاح ثقافي*!
حين رفع تشرشل شعار كل الجهود للمعركة، تم تعديل شعاره، وقيل له: لا معركة من دون ثقافة. المهم لماذا نحارب!؟ وهنا دور الثقافة.
والسؤال المهم: لماذا لا تهتم الدولة بالإصلاح الثقافي؟ ولماذا لا تفتح مجالًا للمثقفين؟ ولماذا يحسب المثقف ألف حساب لكل كلمة يكتبها؟ ومتى تُرفع الممنوعات عن المثقف؟
فالسلطة تمتلك شرعية سياسية، وقد تدّعي أنها تحكم باسم الشعب"البرلمان غير الممثل"،
والمجتمع يمتلك شرعية اجتماعية تحكمها العادات، والتقاليد، والأخلاق! فلا ممنوعات تقيد السلطة والمجتمع، بينما يرزح المثقفون تحت ممنوعات مقدسة عديدة:
ممنوعات العادات، وممنوعات السلطة وقوانينها، وممنوعات التحدث في المقدُس والمقدّسات عديدة: فالعلم مقدّس والأمن مقدّس، وحقوق المرأة مقدّسة، والوزير ، وغير الوزير وهكذا!
الإصلاح الثقافي يتطلب حرّية لا تتيحها سائر المقدّسات. الحكومة تفكر عنك، والمنافق يفكر عنك، وصاحب السلطة الأخلاقية والدينية كلاهما يفكر عنك؟! وكلهم يغرقونك في الماضي، فأكثر الندوات حضورًا هي ندوات تفسير الماضي، وأكثر الكتب مبيعًا هي كتب الماضي.
والدولة تستريح إذا أغرق المجتمع نخبته في متاهات الجهالة ومترتباتها.
(٥)
*بارقة أمل*
انتشرت مؤسّسات ثقافية عديدة، وجمعيات فلسفية ودواوين عائلية أتاحت الفرصة للمنوعين في الإعلام الرسمي للتحدث أمام الجمهور!
ديوان آل المصري شكرُا!
سأغير رأيي عندما أرى مفكرًا ومثقفًا يتحدث في الإعلام الرسمي
فهمت عليّ؟!!

























