وائل منسي يكتب: الأردن وحماس: لا ضمانات مع إسرائيل ولا أمن فوق الأمن القومي
نبأ الأردن -
من خلال تحليل معمّق للتطورات والقراءات السياسية، يتضح أن الأردن لن يقبل استقبال قادة حركة حماس حتى لو كانوا يحملون جوازات سفر أردنية، ولن ينجر وراء إغراءات استثمارات خليجية أو حتى ضمانات أمريكية، لأن معادلة الأمن والسيادة الأردنية لا يمكن أن تُقايض.
أولاً، الأمن القومي الأردني خط أحمر لا مساومة عليه، فوجود قادة حماس على الأراضي الأردنية يعني استدعاء الخطر الإسرائيلي مباشرة إلى الداخل. إسرائيل أثبتت مرارًا أنها لا تعترف بسيادة أحد ولا تحترم حدودًا، كما ظهر في الضربة الأخيرة داخل الدوحة، فهي قادرة على خرق أي تفاهم أو ضمان متى شاءت، ما يجعل استضافة شخصيات مستهدفة بمثابة دعوة مفتوحة لتفجير الساحة الأردنية.
ثانياً، سياسة التوازن الإقليمي والدولي التي يتبعها الأردن ستنهار أمام مثل هذه الصفقة. القبول باستضافة قادة حماس سيضع الأردن في مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة، الحليف الاستراتيجي والمانح الأساسي (1.45 مليار دولار سنويًا). واشنطن، رغم خطابها عن الضمانات، لن تقف بوجه إسرائيل إن قررت الأخيرة ضرب أهداف داخل الأردن، كما لم تفعل مع قطر. وهذا يبرهن أن الضمانات الأمريكية في هذا الملف ورقية لا أكثر.
ثالثاً، العلاقة مع قطر ليست مجرد مساومة أو صفقة مشروطة، فزيارة أمير قطر إلى عمان حملت أبعادًا أوسع في التنسيق السياسي والإقليمي، لكن الأردن أوضح ضمنيًا أن دعمه الاقتصادي مرحب به، أما تحويل أراضي المملكة إلى منصة لصراع حماس ـ إسرائيل فهو خط أحمر، فالحوار الدبلوماسي بين عمان والدوحة سيتواصل لتعزيز التعاون دون أي شروط تمس الأمن الأردني.
رابعاً، التجربة التاريخية الأردنية مع حماس تحضر كجرس إنذار. أزمة خالد مشعل عام 1999 وما ترتب عليها من توترات مع قطر وإسرائيل دليل حي على أن الأردن دفع ثمن الدخول في ملف لا يخدم مصالحه العليا. وعليه، فلن يكرر الوقوع في فخ استخدام أراضيه لتصفية حسابات الآخرين.
خامساً، إسرائيل ليست دولة ضمانات أو التزامات، فتاريخها السياسي والأمني قائم على الخرق والاغتيالات والتدخلات، حتى على أراضي الحلفاء والشركاء، وبالتالي أي وعود أمريكية أو تطمينات إقليمية لن تمنع إسرائيل من استهداف قادة حماس داخل الأردن إن وجدتهم. وهذا وحده كافٍ ليغلق الباب أمام أي سيناريو استضافة.
فالأردن سيدير الملف بحسابات دقيقة، حيث يدرك أن أي استثمار أو تسهيلات مالية لا تعادل المخاطر الأمنية والسياسية المترتبة. القرار الأردني سيأخذ شكل رفض دبلوماسي مشروط، مع فتح الباب أمام تعاون اقتصادي وسياسي غير مقيد مع قطر، لكنه سيغلق أي مسار قد يجره إلى مواجهة مع إسرائيل. فالأردن يقرأ المعادلة بوعي: إسرائيل لا تملك أمانًا ولا تلتزم بعهود، والولايات المتحدة لن تكون ضامنًا موثوقًا، والرهان الحقيقي يبقى على حماية الأمن القومي وسياسة التوازن الاستراتيجي التي حافظت على استقرار المملكة لعقود.
























