ميسر السردية تكتب:الناس والمكان
نبأ الأردن -
لا ينبغي لسفر المفكر الجغرافي المصري جمال حمدان -رحمه الله- والمعروف بـ"شخصية مصر"، أن يظل مركونًا على أرفف المكتبات يعلوه الغبار، بل كان يفترض أن يكون مرجعًا حيويًا يُستفاد منه، على الأقل، لمختلف الحكومات وروّاد الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتخطيط التنموي في مختلف الأقطار، وخاصة العربية، في استلهام "عبقرية المكان" وتأثير الموقع والموضع في تكوين شخصية الشعب وطبيعته.
وقد فصّل حمدان في جدلية هذا التأثير، فرأى أنه ينعكس على طبائع الشعوب في صور متعددة: "القدرة والعجز، القبول والرفض، الإبداع والخمول، الاستكانة والعنفوان، التحدي والمقاومة، التعصّب والمرونة، الانغلاق والانفتاح، التكيّف والجمود، اليأس والأمل، اللامبالاة والنشاط، الاهتمام والحماس".
ومن هذه الرؤية العامة لطبائع الشعوب، ينتقل حمدان إلى جدلية العلاقة بين شخصيتي الحاكم والمحكومين، واصفًا إياها بـ"ثنائية الاستقلالية"، في رؤية شبه يقينية، قائلاً: "من المسلم به أنه كلما زاد ولاء الشعب وخضوعه واتباعه للحاكم، ظالمًا كان أو غير ذلك، على خطأ أو صواب، حتى بغير قهر أو بطش، كلما دلّ ذلك على عدم نضج الشعب وضعفه وسهولة انقياده ولين عريكته، فحجم الحاكم ونفوذه ودوره، كلها تتناسب تناسبًا عكسيًا مع حميّة الشعب وصلابته وقوته ومقاومته...".
ولكن، مع كل ما نظر له حمدان عن شخصية الإقليم وعبقرية المكان وتأثيره في تكوين شخصية الشعب، يظل المثل الفرنسي المأثور حاضرًا: "أن لكل شعب الحكومة التي يستحقها".

























