وائل منسي يكتب : 11 سبتمبر: عقدان ونصف من الأسئلة والتحولات
نبأ الأردن -
تمرّ اليوم أربعة وعشرون عاماً على أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، الحدث الذي شكّل نقطة تحول مفصلية في التاريخ المعاصر، ليس فقط في الولايات المتحدة بل في العالم بأسره.
تلك اللحظة لم تكن مجرد هجوم إرهابي على مركز التجارة العالمي والبنتاغون، بل كانت الشرارة التي أعادت رسم خرائط الأمن والسياسة الدولية، وفتحت الباب أمام "الحرب على الإرهاب" التي امتدت من أفغانستان والعراق إلى أرجاء أخرى من العالم.
ضمن سياق تلك الأحداث، ظهرت روايات ونظريات مؤامرة أثارت جدلاً واسعاً، من بينها الادعاء بأن الاستخبارات الإسرائيلية كانت على علم مسبق بالهجمات وحذّرت بعض الموظفين اليهود من التواجد في مكان العمل يومها، ما أدى إلى تغيّب أعداد كبيرة منهم عن مكاتبهم في برجي التجارة العالمي.
بعض المصادر أشارت إلى أن نحو 4000 شخص من أصول يهودية لم يحضروا في ذلك اليوم، وهو ما غذّى السرديات المشككة في الرواية الرسمية، رغم غياب الأدلة الموثقة.
لكن بغض النظر عن صحة تلك المزاعم، فإن ما لا خلاف حوله هو أن تداعيات 11 سبتمبر وضعت الشرق الأوسط في قلب العاصفة، وربطت أمن العالم بمصير المنطقة. فمن الحرب الأمريكية في أفغانستان إلى غزو العراق عام 2003، وصولاً إلى سياسات "الفوضى الخلاقة" وإعادة تشكيل الشرق الأوسط، بدا أن تلك الحادثة كانت مفصلاً لبسط الهيمنة وإعادة تعريف مفهوم الأمن القومي على مستوى عالمي.
اليوم عندما ننظر إلى ما يجري في أوكرانيا منذ 2022 أو إلى الحرب الإسرائيلية المدمرة على غزة منذ 2023، نلمح أصداء بعيدة لتلك اللحظة المفصلية.
فالحرب الأوكرانية أعادت العالم إلى معادلة "المعسكرات المتصارعة" بين الغرب وروسيا، وأحيت خطاب المواجهة الذي انبثق بعد 11 سبتمبر ولكن بصيغة جيوسياسية جديدة.
أما في غزة، فإن السياسات الإسرائيلية التي تتكئ على دعم غير مشروط من الولايات المتحدة والغرب، تستند ضمنياً إلى إرث "الحرب على الإرهاب" الذي شرعن عسكرة الصراع والتعامل مع الخصوم بوصفهم تهديداً وجودياً، لا طرفاً سياسياً يمكن التفاوض معه.
من هنا يمكن القول إن 11 سبتمبر لم يكن مجرد حادثة عابرة، بل نقطة تحول أعادت صياغة النظام الدولي. وإذا كانت تلك اللحظة قد دشنت "قرن الأمن" كما وصفه بعض الباحثين، فإن ما نشهده اليوم من تصعيد عالمي سواء في أوكرانيا أو غزة، هو استمرار لارتدادات تلك الهزة الكبرى، مع اختلاف اللاعبين والساحات. بعبارة أخرى، العالم ما بعد 11 سبتمبر هو ذاته الذي نعيشه الآن، لكنه يواجه طبعة أشد تعقيداً من الاستقطاب والحروب بالوكالة، حيث تتقاطع المصالح الأمريكية والغربية مع نفوذ روسيا والصين، فيما تبقى منطقتنا العربية ميداناً مفتوحاً لهذه الصراعات.

























