وائل منسي يكتب: الضربة التي هزت المنطقة: الدوحة وواشنطن على حافة أزمة مصيرية والورقة القطرية في الميزان
نبأ الأردن -
في التاسع من سبتمبر 2025، هزت انفجارات العاصمة القطرية الدوحة، ناجمة عن ضربة جوية استهدفت مقرًا يُنسب إلى قيادة حركة حماس، في حدث يضع المنطقة والعالم أمام اختبار استراتيجي ودبلوماسي حاد.
تناولت تقارير إعلامية غربية ومحلية واسرائيلية أن العملية كانت محاولة لاستهداف قيادات تفاوضية في الحركة، بينما أشارت مصادر إسرائيلية إلى وجود إخطار أو حتى موافقة أمريكية مسبقة، وهو ما نفته جهات أخرى مؤكدة نجاة المفاوضين.
هذا التضارب في الروايات يزيد من تعقيد المشهد، ويدفع نحو تحليل متعدد المستويات للتداعيات المحتملة.
يضرب هذا الاستهداف قلب أحد أهم أدوات الحل والوساطة في المنطقة، وهي القناة التفاوضية التي تتبناها قطر، والتي كانت قد استضافت مفاوضات طويلة وشاقة حول تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار.
استهداف مقر تفاوضي لا يهدد الأشخاص فحسب، بل يهدم الثقة في عملية الوساطة ذاتها ويقوض شرعيتها، مما يضع المسار السياسي برمته على حافة الهاوية. واللافت هنا هو البُعد الأمريكي المباشر؛ فإذا ثبتت صلة واشنطن بالعملية، سواء عبر علم مسبق أو موافقة؛ فإن ذلك يحولها من وسيط محايد إلى طرف متورط، وفقًا للرأي العام العربي والدولي، خاصة في ظل الزيارة الرئاسية الأمريكية الأخيرة لدول الخليج والإعلان عن اتفاقيات استثمارية تقدر بتريليونات الدولارات.
هنا يطفو على السطح تناقض صارخ في السياسة الأمريكية؛ بين خطاب تحالفي استثماري وأمني علني، وممارسات قد تكون مخالفة لهذا الخطاب وراء الكواليس.
هذا التناقض لا يعكس ارتباكًا في القيادة الأمريكية فحسب، بل يكشف عن صراع داخل مؤسسات الدولة العميقة؛ بين رغبة البيت الأبيض في تقديم صورة مستقرة للتحالف، وتوجهات بعض الأجهزة الأمنية والعسكرية التي قد تعمل وفق حسابات مختلفة ترى في دعم العمليات الإسرائيلية أولوية، حتى لو كان ذلك على حساب مصالح استراتيجية طويلة الأمد.
ولا يمكن فصل هذا الحدث عن السياق الأمني الأوسع؛ فالدوحة تحتضن واحدة من أكبر القواعد الأمريكية في المنطقة (قاعدة العديد)، مما يجعل أي عمل عسكري على الأراضي القطرية مساسًا مباشرًا بالمصالح الأمريكية، ويضاعف من حساسية الموقف السياسي في واشنطن.
هذا الخلل الأمني السياسي يفتح الباب أمام أزمات ثقة متعددة المستويات، ويضع دول الخليج أمام خيارات صعبة؛ بين التصعيد الرمزي أو السياسي لاحتواء الغضب الشعبي، والمحافظة على مصالحها الاقتصادية والأمنية مع واشنطن.
وفي ظل هذا المشهد المعقد، يمكن توقع عدد من التداعيات الاستراتيجية المباشرة، أبرزها تعطل مسارات التفاوض بشكل شبه كامل، وارتفاع حدّة الخطاب الإعلامي والدبلوماسي، مع ضغوط متزايدة على الحكومات الخليجية لإصدار موقف موحد. كما ستواجه واشنطن أزمة مصداقية داخلية وخارجية، ستُضطر لمعالجتها عبر تفسيرات رسمية وحوارات أمنية، لكن إعادة بناء الثقة ستبقى عملية طويلة ومعقدة.
إن هذا الحدث ليس مجرد عملية عسكرية معزولة، بل هو اختبار حقيقي لطبيعة التحالفات الإقليمية والدولية في مرحلة ما بعد النظام العالمي التقليدي.
وهو يكشف أن منطق الهيمنة القديم لم يعد مجديًا، وأن الطريق الوحيد للأمان والاستقرار يمر عبر بناء ثقة متبادلة قائمة على الاحترام الكامل لسيادة الدول واستقلالية القرار السياسي.
ولعل في هذا الدرس فرصةً لإعادة ترتيب الأدوار والقرارات أكثر توازنًا واستدامة.
خديجة بن قنة Zeyad Shakhanbeh Arafat Hakouz Zeid A. Nasser محمد صبيح الزواهرة Mohamed T Masharqa Yassin Al Qaisi New Sary Qasim Marwan Muasher Mohammad Aburumman

























