نور الدويري تكتب: الملكة رانيا العبدالله من المكسيك نموذج قيادي في إدارة خطاب التأثير والرؤية
نبأ الأردن -
القائد الحقيقي هو من يضيء الطريق للآخرين عندما يحل الظلام، ويزرع الأمل حيث يكسو اليأس القلوب تماما جسدت ذلك الضوء ومشت بهذا الطريق الملكة رانيا قدرتها على تحريك ضمائر الآخرين وإشعال شعلة العمل الصالح .
إذ جسدت الملكة رانيا العبدالله هذا المفهوم بكل وضوح. فهي لا تقود بمجرد المنصب أو السلطة، بل لتلهم وتحوّل الوعي الإنساني نحو العدالة والرحمة من خلال خطابها ومبادراتها، تعلمنا أن القيادة الحقيقية هي فن إلهام الآخرين، وتوجيههم لرؤية أوسع، والعمل معًا لصنع مستقبل أفضل.
اولا : الخطاب كأداة للتأثير الجماهيري
في خطابها الأخير خلال مؤتمر "سيغلو 21" بالمكسيك، استخدمت الملكة رانيا قوة السرد القصصي لتسليط الضوء على مأساة الأطفال في غزة، مجسدة ذلك في قصة الطفلة "هند". هذا الاستخدام ليس عاطفيًا عابرًا، بل قائم على فهم عميق لسيكولوجيا الحشود.
حسب نظرية جوستاف لوبون (Le Bon, 1895), العاطفة المشتركة يمكن أن توجه سلوكيات الجماهير وتعيد تشكيل مواقفهم تجاه القضايا الكبرى. من خلال قصة الطفلة هند، تحول الملكة المعاناة الفردية إلى **قضية إنسانية عالمية، تجذب التعاطف وتخلق شعورًا بالمسؤولية الجماعية.
ثانيا : إعادة التأطير الأخلاقي
الملكة رانيا لم تكتف بالسرد الإنساني؛ بل أعادت تأطير الأحداث ضمن عدسة أخلاقية، مطالبة المجتمع الدولي بعدم الصمت أمام ما يحدث في غزة. هذا يعكس نظرية التأطير (Framing Theor*, Entman, 1993)، حيث يتم اختيار عناصر معينة للتركيز عليها لتوجيه فهم الجمهور وتحفيزه على العمل.
في هذه الحالة، وجدت عدسة غزة التي اصبحت أداة لإظهار الحق والعدالة، وتحويل الانتباه العالمي إلى المسؤولية الإنسانية، مما يحفز الفعل الاجتماعي والضغط الدولي.
ثالثا : الرمزية الإنسانية والقيادة التحويلية
استراتيجيات الملكة رانيا تعتمد على الرمزية والأيقونات الإنسانية، وفق نظرية التفاعلية الرمزية (Blumer, 1969). الرموز الإنسانية، مثل الأطفال والمعاناة اليومية، تخلق إحساسًا بالانتماء الأخلاقي والمسؤولية الجماعية، وتضع الملكة كرمز أخلاقي عالمي.
وهذا يتوافق مع نظرية القيادة التحويلية (Transformational Leadership, Bass, 1985)، حيث يركز القائد فيها عل& إلهام وتحفيز الآخرين لرؤية أهداف أعمق وأكثر تأثيرًا، وتطوير الذات والعمل الجماعي الإيجابي، وليس مجرد إدارة الواقع الحالي. الملكة رانيا تحول وعي الجمهور من مجرد المشاهدة إلى التحرك نحو العدالة والرحمة.
رابعا : التكنولوجيا والقيم الإنسانية
أحد أبرز محاور خطابها هو التوازن بين التقدم التكنولوجي والقيم الإنسانية. تشير الملكة إلى أن الابتكار لا ينبغي أن يكون على حساب العدالة أو التعاطف الإنساني. وفق فهم مارشال ماكلوهان (1964)، الوسائط الحديثة يمكن أن تعزز أو تقلل من فعالية الرسالة الأخلاقية، واستخدامها بحكمة يضاعف تأثير الخطاب.
ختاما ان القيادة الملهمة والقدوة العالمية إذ اثبت خطاب الملكة رانيا العبدالله ليس مجرد كلمات عن مأساة غزة، بل درس في القيادة الأخلاقية، التأثير الاجتماعي، والتحفيز الجماهيري، من خلال المزج بين السرد القصصي، الرمزية الإنسانية، وإعادة التأطير الأخلاقي، تمكنت من خلق خطاب ملهم وعميق التأثير، يذكرنا أن قوة الكلمات، حين تستخدم بوعي وإحساس بالمسؤولية، يمكن أن تغير مواقف العالم وتلهم العمل الإيجابي.
الملكة رانيا تثبت أن القيادة ليست مجرد موقع أو سلطة، بل فن توجيه الضمير الإنساني والضمير العالمي نحو العدالة والرحمة، لتصبح واحدة من أبرز رموز القيادة الملهمة في القرن الحادي والعشرين.
مجددا تخلق الملكة رانيا العبدالله رؤية مستقبلية جديدة وتضع لبنة جديدة في تاريخ المرأة المعاصر َفي مسيرة المرأة الأردنية لتكون نموذج الأردنية القيادية والملهمة

























