عبدالله بني عيسى يكتب : نحن أسرى العجز والوهم

{title}
نبأ الأردن -
من بين أكثر الآراء رواجاً خلال الأشهر الماضية، النقد الذي نوجهه – كُتاباً وسياسيين وناشطين – للحضارة الغربية، بسبب ما بدت لنا في هذه المنطقة من العالم عقب الحرب على غزة. خلاصة هذه الآراء أن هذه الحضارة "انكشفت على حقيقتها، مزيفة، متناقضة، تكيل بمكاييل عدة، تقبل الظلم وتدعم القتل والإبادة والتجويع، وفي أحسن الأحوال تقف عاجزة عن وقف الإبادة".
وفي حين أن جزءاً من هذه الانطباعات، وتحديداً ما يتعلق بالعجز عن إيقاف الإبادة والتجويع، يمكن الجدل حول صحته، فإن هذه الرواية التي تبدو على نسق الثقافة العربية الشائعة، تمنحنا راحة زائفة؛ إذ تعفينا من مواجهة عيوبنا نحن. فهي تبرير منقوص لأنها تلقي المسؤولية كاملة على الغرب، دون أن تجيب عن السؤال الأهم: لماذا بقينا عقوداً ننتظر الإنصاف من غيرنا ولا نقوم بأنفسنا برد الظلم عنا؟ أو بشكل أدق: لماذا نعجز عن رد الظلم عن أنفسنا؟
كما أن هذاه الآراء تذكرنا بالإشكالية القديمة الجديدة حول الفهم الانتقائي لمعايير الغرب في المسائل السياسية والحقوقية، وذلك حين نطالبه بالامتثال لمعايير نحن هنا لا نؤمن بها أصلاً، بل نحاربها في كتبنا وأدبياتنا.
في السياق ذاته، نقع في تناقض منهجي ونحن نتحدث عن دوافع إسرائيل الدينية التلمودية الإقصائية، وكأننا مجتمعات لا تستند هي الأخرى إلى سرديات دينية وتاريخية مشابهة لتبرير واقعها.
نحن منكوبون بغياب التفكير المنهجي العقلاني المبني على العلم والمعرفة؛ فتتولد لدينا مجموعة هائلة من الانطباعات والأفكار والاتجاهات، إما مستندة إلى سرديات ميثولوجية، أو ناتجة عن فوضى غياب المعرفة التراكمية.
ومن مظاهر هذه النكبة، الاتكاء على مخزون وافر من التفسيرات والتبريرات الجاهزة منذ قرون لمعضلات العصر السياسية والاقتصادية والحضارية.
إن نقد الغرب ضرورة، لكنه لا يعفينا من نقد الذات؛ فالأمم التي لا تواجه عيوبها بصدق، تبقى أسيرة الوهم والعجز.
تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير