يحيى الحموري يكتب : يا أبا عبيدة

{title}
نبأ الأردن -
ها هو الفجر ينكسر على صخرة الحقيقة، فيرتفع الدخان كالكفن، وتتناثر الأرواح كالعطر في فضاء لا يحدّه زمن ولا مكان. ها هو الاسم الذي صار رمزاً، والرمز الذي صار أمة، يهاجر من ضيق الأرض إلى رحابة السماء، شاهداً على أن الدم حين يسيل يصير مداداً للتاريخ، وأن الصوت حين يُغتال يتحول رجعاً لا يخبو، وأن الكلمة حين تُكمم تتحرر لتبقى أبداً.

يا أبا عبيدة، ما اغتالك رصاصهم، بل اغتالتهم حقيقتك؛ وما أسكتك موتتهم، بل أسكتتهم حياتك. لقد أرادوك غياباً فإذا بك حضور، وأرادوك صمتاً فإذا بك صرخة، وأرادوك جثة فإذا بك كتاب مفتوح في ذاكرة الأمة، تُقرأ فيه آيات العزة والكرامة.

أيها الشهيد، أنت لست فرداً يُفقد، بل فكرة تولد، ولست جسداً يُغيّب، بل روحاً تتناسل في أرواح الملايين. إنهم يظنون أن الاغتيال نهاية، وما دروا أن الشهادة بداية؛ يظنون أن كسر السيف يحسم المعركة، وما علموا أن دم الشهيد أشرس من ألف سيف، وأمضى من ألف بيان.

فيك اجتمع التاريخ والمستقبل؛ فأنت صدى القسام، وامتداد الثورة، ووجه المقاومة، ووردة الدم التي نبتت على جدار القدس. إنك لم تمت، بل نحن الذين نموت في كل لحظة جبنٍ وصمتٍ وعجز؛ نحن الأموات حين نخون، والأحياء حين نصدق.

سلام عليك، يا من صنعت من البيان سيفاً، ومن الكلمة قذيفة، ومن الصمت هتافاً. سلام عليك، يوم ارتقيت فارتفعت معك الأمة، ويوم غبت فاشتعلت بك القلوب. سلام عليك، يوم تكون شاهداً علينا، فنحن القتلى… وأنت الحيّ.
تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير