علي السردي يكتب : التمويت بالتحكيم: فن القتل البطيء للمعنويات
نبأ الأردن -
"التمويت بالتحكيم" هو أكثر من مجرد خطأ تحكيمي، بل هو قتل بطيء يدمر نفسيات اللاعبين.
إنه لا يعتمد على الأخطاء الكبيرة والواضحة مثل إلغاء هدف صحيح أو احتساب ركلة جزاء ظالمة، بل يكمن في مجموعة من الصغائر البسيطة التي تتراكم حتى تعصف بالضحية على مرأى من الجميع.
هذا التكتيك الممنهج يهدف إلى التحكم في مجريات المباراة من خلال التلاعب بالجانب النفسي للاعبين بدلاً من تطبيق القوانين بشكل مباشر، وهو ما يجعله أخطر وأصعب أنواع الأخطاء التحكيمية التي يمكن الاحتجاج عليها.
كيف يتم هذا القتل البطيء؟
1. تجاهل الأخطاء البسيطة:
يبدأ الحكم بتجاهل الأخطاء البسيطة التي تُرتكب ضد فريق واحد، مثل لمسة يد واضحة في منتصف الملعب أو دفع خفيف دون احتساب خطأ. هذا يخلق شعوراً بالإحباط لدى اللاعبين، ويجعلهم يشعرون بأن مجهودهم يذهب هباءً.
2. خلق بيئة مشحونة:
عندما يستمر الحكم في تجاهل الأخطاء، يشعر اللاعبون أن عليهم أخذ حقوقهم بأنفسهم. هذا يدفعهم إلى اللجوء إلى الخشونة أو الاحتجاج بشكل متكرر، مما يزيد من توتر الأجواء ويدخل المباراة في جو مشحون وغير رياضي.
3. تدمير التركيز الذهني:
اللاعب الذي يركز على قرارات الحكم بدلًا من اللعب يفقد تركيزه تمامًا. هذا يجعله يرتكب أخطاء غير ضرورية وتقل فعاليته في الملعب. الفريق يصبح أكثر انشغالاً بالاحتجاج من تسجيل الأهداف.
4. الفخ الأخير:
بعد أن ينجح الحكم في دفع اللاعبين نحو العصبية والتهور، يأتي الجزء الأكثر خداعاً. فجأة، يقلب الحكم الموازين ويبدأ بتطبيق القانون بصرامة، ويقوم بمعاقبة اللاعبين على تصرفات مشابهة لتلك التي تغاضى عنها سابقاً. في هذه اللحظة، يقع الضحية في المحظور: قد يُطرد لاعب بشكل غير متوقع أو تُحتسب ضده ركلة جزاء، بينما تبدو قرارات الحكم في هذه اللحظة عادلة للجمهور.
باختصار، "التمويت بالتحكيم" ليس خطأ في تطبيق القانون، بل هو تلاعب نفسي مدروس يخدم نتيجة معينة، وهو ما يجعله أحد أكثر أساليب التلاعب في كرة القدم دهاءً وخطورة.

























