محمد الخطيب يكتب: لا حاجة لحكومة عسكرية في الأردن... فالدولة تدرك التحديات وتعرف كيف تديرها
نبأ الأردن -
في ظل التصريحات المتطرفة التي تصدر بين الحين والآخر من مسؤولين في الحكومة الإسرائيلية، يعود إلى السطح بعض الحديث عن ضرورة تشكيل حكومة عسكرية في الأردن كوسيلة للرد أو التصدي للمخاطر المحتملة. إلا أن هذه الدعوات، وإن بدت نابعة من الغيرة الوطنية، فإنها تفتقر إلى الفهم العميق لطبيعة الدولة الأردنية وتركيبتها السياسية والعسكرية والاجتماعية.
الأردن دولة مؤسسات، تعرف جيداً كيف تُقدّر التحديات وتواجهها بحكمة وتوازن. القيادة الهاشمية، ومعها الجيش العربي والأجهزة الأمنية، تتعامل باحتراف مع التهديدات الإقليمية، دون تهويل أو ارتجال، ودون أن تتخلى عن النهج الدستوري والمدني الذي اختاره الأردنيون منذ تأسيس الدولة.
الحكومة العسكرية ليست حلاً، بل قد تكون مدخلاً لتعقيد المشهد السياسي وتعطيل الحياة المدنية والديمقراطية، وهي ليست من تقاليد الدولة الأردنية التي نجحت دائماً، حتى في أصعب الظروف، في الحفاظ على الاستقرار من خلال التنسيق الوثيق بين القيادة السياسية والمؤسسات الأمنية والشعب.
ومن الزاوية الاقتصادية، فإن التحول نحو حكومة عسكرية يخلق مناخاً من عدم اليقين لدى المستثمرين، ويبعث برسائل سلبية تؤثر على ثقة الأسواق والقطاعات الاقتصادية. الاستثمار بحاجة إلى بيئة مستقرة، تحكمها القوانين، وتحميها الشفافية، وتشجع على الشراكة مع القطاع الخاص، وكلها عناصر قد تتراجع في ظل أنظمة تفتقر إلى الرقابة المدنية والمساءلة الديمقراطية. وقد يؤدي ذلك إلى هروب رؤوس الأموال، وتراجع السياحة، وارتفاع معدلات البطالة، مما يزيد من تعقيد التحديات الاقتصادية القائمة أصلاً
الرد الحقيقي على التهديدات لا يكون بإجراءات داخلية تمس طبيعة النظام، بل بوحدة الصف الوطني، ودعم الجيش والقوات المسلحة، وتعزيز الجبهة الداخلية، وتكريس الثقة بالمؤسسات.
الشعب الأردني، بوعيه وانتمائه، يدرك أن قوته تكمن في وحدته والتفافه حول قيادته، وأن التغيير ليس في شكل الحكومات، بل في تكاتف الجميع للدفاع عن السيادة والثوابت الوطنية.

























