موسى الطراونة يكتب : عطاء الأردن .. لا ينتظر شكرًا
نبأ الأردن -
غزة، المدينة التي لم تنكسر رغم كل ما حصل من اهوال واوجاع، بعد الإبادة التي تعرضت لها هي وساكنيها تعاني اليوم المجاعة وتحت نار الحصار والعدوان. تُقصف، تُخنق، تُحرم من أبسط مقومات الحياة، بينما يصرّ أهلها على الصمود. في هذا الواقع المؤلم، الذي يشاهده كل العالم الذي يقف عاجزا عن وقف العدوان والدمار والقتل ... يصبح تقديم أي نوع من المساعدة – مهما كان بسيطًا – فعلًا عظيمًا، لا يُنتقد، بل يُقدّر، لأنه يصنع الفرق بين الحياة والموت.
وفي زمن يعاني الناس هناك الجوع فلا مجال للعتاب فحين يجوع الإنسان، تتراجع كل الاعتبارات السياسية، وتسقط النقاشات الجانبية. فالجائع لا يهمه ولا يسأل من أين جاءت المساعدة، بل يبحث عما يسدّ رمقه وينقذ أطفاله. لا يُلام من يقدّم، ولا يُعاتب من يسعى للتخفيف من معاناة المحاصرين. إن كل من يرسل رغيفًا أو حبة دواء إلى غزة، فإنه يشارك في إنقاذ حياة، وهذا يكفي.
في هذا الوقت لا مجال للاستعراض ورفع الشعارات الفارغة، بل الضرورة تقتضي الاسهام والمساهمة بالحفاظ على حياة الإنسان. وأهل غزة، رغم كرامتهم العالية وشموخهم، يدركون أن الكرامة الحقيقية تبدأ من الحفاظ على النفس، وأن من يمد يده للعطاء لا يُنتقد، بل يُحترم.
وفي هذا المشهد، يبرز الأردن بموقفه الثابت والنبيل، لا بالشعارات، بل بالأفعال. طائراته تحلّق محمّلة بالمساعدات، وجنوده يغامرون بأنفسهم للوصول إلى من يحتاج، وقيادته تتابع تفاصيل الدعم لحظة بلحظة. ولكنه، ورغم كل ذلك، لا يطلب شكرًا ولا ينتظر ثناء
فالأردن بكل مكوناته متيقن بأنه يفعل ما يمليه عليه الواجب، وما تفرضه عليه الأخوّة، وما تُمليه عليه مسؤوليته الوطنية تجاه أهله في غزة. لا ينتظر حمدًا، ولا يبتغي ردًا، لأنه يعتبر أن ما يقدّمه هو جزء من مسؤوليته، ومن ضمير شعبه، ومن ثوابته التي لا تتغير.
فالوقت حاليا ليس للنقاشات العقيمة، بل للنجدة الفورية. عندما تصل قافلة غذاء أو شحنة دواء إلى يد محتاج في غزة، فإنها تتحدث وتوصل رسالة وهي بصمتها أبلغ من كل الخطب. هناك، حيث الحاجة ماسة، يُقدَّر العطاء لا يُسأل عن مصدره وكميته ونوعيته وطريقة ايصاله.
غزة اليوم لا تحتاج إلى خطابات ولا جدل إعلامي، بل إلى أفعال. وكل من يقدّم لغزة شيئًا، كبيرًا أو صغيرًا، فردًا كان أم دولة، فهو يشارك في معركة الحياة، ويقف في صفّ الإنسانية.
أما الأردن، الذي قدم لفلسطين تضحيات لا يمكن ان تنسى او تنكر فله شهيد في كل مدينة من مدن فلسطين وفي كل حي من احياء مدنها وشوارعها وجبالها وسهولها واوديتها فسيبقى الاردن كما عهدناه: وفيًّا لقضيته، كريمًا في عطائه، شهمًا في مواقفه، يعطي بلا منّة، ويقف بلا ضجيج. لأنه ببساطة، يرى في فلسطين، وفي غزة ، قضيته الأولى، ومحور اهتمامه الدائم

























