د.وليد العريض يكتب: الغابة التي لا يستجاب فيها الدعاء(5)

نبأ الأردن -
محكمة الأشجار الكبرى
انعقدت المحكمة تحت شجرة السنديان العتيقة. أوراقها كانت ترتجف لا من الخوف، بل من الحرج.
جلس القضاة: البومة الحكيمة وسلحفاة القرن، وضفدع عاش مئة موسم ولم ينطق إلا اليوم.
أُحضِرَ المتهمون الثلاثة:
الثعلب: بتهمة رسم الخرائط على مقاس أنيابه.
الذئب: بتهمة العواء في وجه العشب الآمن.
الخريطة: لأنها كانت تَدلّ الوحش لا المسافر.
قالت البومة وهي تضرب بجناحها على لحاء المحكمة:
ليتقدّم الشاهد الأول.
تقدّمت نحلة مرتعشة وقالت:
رأيتُهم… رأيت الذئب يعض القمر ويقول: هذه أرضي.
ضحك الثعلب وقال:
كلام النحل لا يُعتد به فهي تمتص من كل زهرة دون إذن.
احتجت الشجرة قائلة:
الزهور ليست ملك أحد! النحلة تزرع أكثر مما تأخذ.
ثم تقدّم قنفذ هزيل:
الخريطة؟ كانت ذات يوم خضراء لكنهم طبعوها بدماء العصافير. أصبحت دليلاً إلى المقبرة.
قالت السلحفاة ببطء:
وهل يمكن للورق أن يُحاكم؟
ردّت البومة:
إن كان سكينًا بيد من لا يرى في الغابة سوى وجبة.
نطق الحكم:
الثعلب: يُنفى إلى أرشيف الحكايات.
الذئب: يُجبر على الاستماع إلى صمت أمهات الأرانب المذبوحات حتى يسمع.
الخريطة: تُغسل بمطر الذاكرة وتُعلّق على جذع الزيتونة.
ثم صمت الجميع
فقد بدأت الغابة تحلم من جديد.