د.وليد العريض يكتب : الغابة التي لا يُستجاب فيها الدعاء (10)

{title}
نبأ الأردن -
جوقة العصافير المحايدة

في غابة ناعسة على أطراف الصخب حيث لا يُسمع سوى خرير الماء وأصوات النحل المنهمك في ترميم خلاياه كانت هناك جوقة من العصافير الملونة، تشتهر باسم جوقة الحياد البنّاء.
كانت هذه العصافير تُقيم حفلات غنائية يوميًّا تملأ بها الغابة ألحانًا لا تُزعج أحدًا ولا تُغضب أحدًا، ولا تُنبّه أحدًا.
كانت تردّد أغانٍ مثل: لا شأن لنا نحن نُغني للجميع… للغصن والسكين على حدٍّ سواء."
وكان قائد الجوقة عصفورٌ أنيق ذو ريشٍ لامع، يُعرف بلقب "سفير النغمة العادلة"، يقول دائمًا: الغناء ليس مكانًا للمواقف. الغناء مكان للسلام ولو فوق الرماد.
وفي كل مرة كانت المنسيّة تنزف كانت الجوقة ترفع صوتها أكثر، بأغانٍ حيادية تُساوي بين الصياد والفريسة بين النار والماء، بين الذئب والفراشة.
وعندما حاولت سنونوة صغيرة من المنسيّة أن تنضم إليهم، وغنّت بصوتٍ مرتجف: أرضي تُذبح وبيتي احترق وأمي طارت في الريح… أسكتوها فورًا
وقال لها قائد الجوقة: صوتك جميل… لكنه غير مناسب للأجواء العامة.
ثم غنوا أغنيةً جديدة بعنوان: كلّنا أبناء الغابة ولا أحد مسؤول عن أحد.
وهكذا ظلت الجوقة تُغرّد كل صباح بينما تتصاعد من المنسيّة أدخنة لا تصل لأحد ولا تُعكّر صفو المقطوعات.
وسُجّلت في سجلات الغابة: جوقة العصافير المحايدة، التي لم تُزعج ضميرًا… لكنها أيضًا لم تُوقظ حيًّا.
تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير