علي السردي يكتب : "مكرمة ملكية" في المفرق تتحول إلى مشروع تجاري يثقل كاهل المواطن
نبأ الأردن -
كان الخبر يوماً ما مصدر بهجة لأهالي المفرق: مكرمة ملكية بإنشاء حديقة عامة في قلب المدينة لا بل في أكبر احيائها وهو الحي الذي يحمل اسم الملك المغفور له الحسين بن طلال ( حي الحسين) وذلك تحت إشراف بلدية المفرق.
حلم بمساحة خضراء تكون متنفساً مجانياً للأسر، مكاناً للعب الأطفال، وملجأً للجميع من صخب الحياة. ولكن، كما يبدو، فان الواقع مختلف تماماً عن الورق وما خطط له.
وعود خضراء وواقع شحيح: حديقة بلا أساسيات أدنى حديقة ممكنة
ان ما قامت به البلدية في البداية كان مخيباً للآمال التي انتظرها المواطنون .
الحديقة التي كان من المفترض أن تكون واحة، أنشئت خالية من أبسط وسائل الترفيه.
لا ألعاب أطفال مجانية، لا مقاعد كافية، ولا حتى ما يشجع على قضاء وقت ممتع فيها. وكأنها مجرد مساحة ترابية، خضراء بالاسم فقط ، تنتظر قدراً مجهولاً.
تحول صادم:
من مكرمة ملكية إلى مشروع استثماري
لم يطل الانتظار كثيراً حتى اتضح مصير هذه "المكرمة". فبعد مدة بسيطة من إنشائها، تم تسليم الحديقة لمستثمر خاص يقول انه ضخ اموالاً بعد ان فاز بالعطاء .
هنا بدأت تتكشف المفارقة الصارمة: المكان الذي كان من المفترض أن يكون هدية للمواطنين، تحول إلى مشروع تجاري بحت .
قام المستثمر بوضع أكشاك وألعاب خاصة بات يتقاضى على استخدامها المال . والأدهى من ذلك انه فرض رسم دخول على كل إنسان يدخل الحديقة مهما كان عمره طفلا او كهلا فلا يوجد أي استثناء للأطفال الذين هم أحوج ما يكونون لمساحات اللعب المجانية ولا حتى لذوي الاحتياجات الخاصة الذين تُعد مثل هذه المرافق حقاً أساسياً لهم ولاجلهم تمهد المداخل وتنسق الممرات .
غياب المراعاة وتجاهل الهدف الاجتماعي
هذا التحول يثير العديد من التساؤلات المشروعة:
* أين ذهبت روح المكرمة الملكية؟
* هل الهدف من المكارم هو إقامة مشاريع تُسلم لاحقاً للاستغلال التجاري البحت؟
* ما هي شروط الاتفاقية بين البلدية والمستثمر؟
* هل لم تتضمن هذه الشروط بنوداً تضمن استمرار الطابع المجاني أو الخدمي للحديقة؟
* ماذا عن الأسر الفقيرة ومحدودة الدخل وكيف يمكنهم الاستفادة من هذه الحديقة إذا كان عليهم دفع رسوم دخول واستخدام للألعاب في كل زيارة؟
* أليس هذا عبئاً إضافياً على كاهلهم؟
* أين مراعاة الأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة ولماذا يتم إقصاؤهم بهذا الشكل من حقهم في الترفيه والمساحات العامة المتاحة للجميع؟
إنّ ما حدث في حديقة المفرق هو مثال واضح على الفجوة بين التخطيط على الورق والتطبيق على أرض الواقع.
هذه هي قصة مكرمة ملكية نبيلة تحولت إلى عبء مالي على المواطن، ومثال على كيفية تحويل المرافق العامة الأساسية إلى مشاريع ربحية على حساب الفئات الأكثر احتياجاً.
نداء للمراجعة والتصحيح
على الجهات المسؤولة، وفي مقدمتها بلدية المفرق، مراجعة هذا الوضع بشكل عاجل فيجب إعادة النظر في العقد المبرم مع المستثمر، وفرض شروط تضمن أن تخدم هذه الحديقة الهدف الذي أنشئت من أجله بأن تكون متنفساً حقيقياً ومجانياً لجميع أهالي المفرق، بعيداً عن الربح والاستغلال. فالمواطن في المفرق يستحق أن يحظى بحديقة عامة تليق بحجم المكرمة الملكية التي جاءت من أجله.

























