رحاب القضاة تكتب: العرق المرخص… الأخلاق اللي مش مرخصة!

نبأ الأردن -
في أحد أحياء عمان القديمة، جلست أم خليل على زاوية الطريق، تفرش أمامها القليل من البقدونس والكزبرة، تحاول أن تجمع دنانير قليلة لتشتري دواء الضغط.
لم تمضِ ساعة حتى جاءت البلدية ومعها شرطة وصادروا بسطتها. قالوا لها: "غير مرخصة”.
وفي مساء اليوم ذاته في شارع آخر كان هناك محل كبير مضاء بألوان النيون يبيع الكحول المغشوش علنًا.
ومع أن رائحته تفضحه من بعد عشرين مترًا لم يقترب منه أحد.
لا بل خرج علينا مسؤول كبير يدعى نزار مهيدات، ينصح الناس بشرب الكحول "من المحال المرخصة فقط للحفاظ على الصحة”.
بسطات الخضرة خطر وتُصادر لكن محلات المشروبات الكحولية غير المرخصة؟
عادي، بس انتقوا نوعك!
الدكتور نزار مهيدات، رئيس المؤسسة العامة للغذاء والدواء، خرج علينا بتصريح لا يمكن وصفه إلا بأنه من سلسلة "كلام لا يُقال علنًا إلا في بلد تخلّى عن المنطق”.
قال – ويا ليته ما قال – إن نصيحته للمواطنين كانت "صحية بحتة” حين دعاهم إلى شراء المشروبات الكحولية من المحال المرخصة والابتعاد عن المغشوشة.
وهنا لا بد أن نسأل الدكتور المحترم:
من هو الجهة التي تمنح التراخيص؟
ومن الذي يسمح ببيع هذه المشروبات أصلًا؟
وإن كانت هناك محال غير مرخصة تبيع علنًا فماذا تفعل أنت ومؤسستك ووزارة الصحة ووزارة الداخلية والجمارك وشرطة البيئة؟
هل كنتم في إجازة سنوية؟
ثم عن أي توصية صحية تتحدث؟
وإذا كان هذا النوع من التوجيه لا "علاقة له بالدين” كما قلت، فهل له علاقة بالشرف؟ بالمبدأ؟ بالمنطق؟
يا دكتور
عندما تُصادركاميرا شاب في البوليفارد لأنه يصوّر ويسترزق ويتم مطاردة عجوزًا على بسطة خضار لأنها غير مرخصة ثم تخرج علينا لتقول للناس "اشربوا بس من محل مرخص” — فأنت لا تنصح بل تعترف بأن الفساد يسرح ويمرح أمام ناظريك.
فإما أن تغلق هذه المحال "غير المرخصة” كما تفعل مع البسطات أو اعترف أن الرقابة في هذا البلد لا تُمارس على الفساد بل على الضعفاء فقط.
نصيحة إليك
قبل أن تتحدث عن سلامة الكحول تأكد أننا مازلنا نحمل أخلاق مرخصة .