د.ميرفت مهيرات تكتب : ما حدث لم يكن "حادثة معزولة"... بل ناقوس خطر لنظام رقابي يحتاج مراجعة جذرية

{title}
نبأ الأردن -
حادثة التسمم الأخيرة بالكحول المغشوش ليست مجرد "فاجعة صحية"، بل هي مرآة لثغرات أعمق في منظومة الرقابة والتشريع والتوعية.

كيف يصل منتج يحتوي على الميثانول – مادة قاتلة تُستخدم صناعياً – إلى أيدي المواطنين، ويُوزع على نطاق واسع؟

كمفتشة ومديرة رقابة سابقة، وكخبيرة في إدارة المخاطر المؤسسية، أعلم أن الكارثة لا تبدأ من لحظة الشرب، بل من لحظة "الصمت الإداري" عن نقاط الضعف:

ضعف إنفاذ المواصفات الفنية المعتمدة
غياب تتبع المنتج من المنشأ إلى المستهلك (Traceability)
قلة التنسيق بين الجهات الرقابية
فجوة التوعية التي تجعل البعض لا يعرف الفرق بين الإيثانول والميثانول

في هذا السياق، تبرز أهمية تطبيق تقنيات حديثة مثل البلوك تشين (Blockchain)، التي تسمح بتوثيق كل خطوة في سلسلة توريد المنتج بشكل شفاف وآمن، بحيث لا يمكن تزوير البيانات أو إخفاء أي مخالفة.
هذه التقنية تُمكّن الجهات الرقابية والمستهلكين من تتبع المنتج بدقة من المصنع حتى المستهلك، مما يساهم في كشف الغش والاحتيال قبل وقوع الكارثة.

الرقابة ليست مجرد إغلاق منشأة بعد وقوع الضرر، بل هي أن نمنع هذا الضرر قبل أن يحدث.

والتوعية ليست نشرة توزع، بل وعي يُبنى منذ الصغر، في المناهج، في الإعلام، في كل بيت.

اليوم، نحن بحاجة إلى منصة وطنية واحدة:

تُوحد جهود الرقابة
تطبق أنظمة الإنذار المبكر للغش باستخدام تقنيات مثل البلوك تشين
وتطلق حملات توعية ذكية، بلغة الناس، من الواقع، لا من خلف المكاتب.

الرحمة لمن رحلوا، والمسؤولية علينا جميعًا أن نمنع تكرار هذه المآسي.
تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير