د. ماجد الخواجا يكتب: على هامش الحرب الإيرانية الصهيونية

نبأ الأردن -
انقسمت الآراء فيما يجري أو جرى بين طهران وتل أبيب من تبادل الدمار واستخدام واضح للتكنولوجيا العسكرية والإعلام الرقمي، حيث جاءت الآراء على النحو الآتي:
- هناك من شكك في كل ما يجري وأنه عبارة عن مسرحية يتبادلون فيها الأدوار والصلاحيات.
- هناك من تحدث عن ضرب الظالمين بالظالمين شريطة خروجهم هم سالمين. معتبرين كلا الطرفين أعداء لهم.
- هناك من يرى في إيران المشروع العدائي الرئيس للمنطقة، متبنياً فكرة الإنتصار الصهيوني على العدو المشترك. وأن المد الشيعي الصفوي أخطر من أي مشروع آخر.
- هناك من رأى أن ضريبة الحرب بصرف النظر عمن ينتصر فيها، سوف تكون تبعاتها على المنطقة العربية برمّتها.
- هناك من اعتبر ضرب الصواريخ الإيرانية للعمق الصهيوني أكبر انتصار يشهده التاريخ المعاصر. ويرى أن من يقف ضد إيران في هذه الحرب، فهو حكماً يقف مع الطرف الصهيوني الغاصب المحتل.
- هناك من ينتظر تحرير فلسطين بالمجهود الحربي الإيراني وأن ذلك قادم لا محالة.
- هناك من يرى أن القادم يتمثل في صهينة المنطقة وقيام المملكة الثانية لإسرائيل.
- هناك من لم يعبأ بالنتيجة النهائية وأنه يكتفي بمشاهدة الكيان وهو يتوجع كما يتوجع أهل غزّة وفلسطين.
بالرغم من تلك التباينات في الرؤى والطروحات حول الحرب الإيرانية الصهيونية، فهناك جملة حقائق لا يمكن التغاضي عنها أو تجاوزها وتتمثل بالآتي:
- استمرت الحرب 12 يوماً، وهي مدة لم يتحملها الكيان منذ إقامته على أرض فلسطين التاريخية.
- وصلت الصواريخ الإيرانية لكافة المواقع في الكيان ومهما بلغت حساسيتها ودرجة تحصينها.
- استرجعت إيران توازنها سريعاً رغم قسوة الضربة الصهيونية الأولى التي استهدفت بالإغتيالات الواجهة السياسية والعسكرية والعلمية الإيرانية.
- اتسمت الحرب بأنها تغلفت بالطابع الإعلامي الموجّه الذكي مع الاستخدام الفائق للتكنولوجيا العسكرية.
- بالمقارنة مع الحروب السابقة، فلم تتعرض دولة الاحتلال للضرب والتدمير المباشر في عمق مدنها كما حدث في هذه الحرب.
- حرب النكبة والنكسة وحرب القنال وحرب تشرين أو رمضان، التي سميت بحرب التحريك لا التحرير، كلها لم تدم أكثر من أيام معدودة، وكانت في نتائجها احتلال أراضي جديدة وانتصار لجيش الكيان الصهيوني.
- بيّنت الحرب أنها مجرد الشكل النهائي لحرب طال أمدها لسنين طويلة عبر وسائل غير حربية تقليدية. بما يصح عليها مقولة إذا لم تتعكر فإنها لن تصفى.
- أظهرت هذه الحرب وجود ثغرة خطيرة في جدران الأمن الصهيوني، والمتمثلة في عدم وجود عمق جغرافي استراتيجي كما هو الحال مع إيران ذات المساحات الشاسعة الممتدة. كما أن القدرات النووية ومفاعل ديمونة قد يشكلان تهديداً وجودياً للكيان أكثر من كونها أدوات ردع مخيفة.
- أظهرت الحرب أنك قد تبدأ الضربة الأولى، لكنك لا تضمن أن تكون لك الضربة الأخيرة.
- رغم الترسانة العسكرية الفائقة التي يمتلكها الكيان الصهيوني، فقد ظهرت الحاجة الوجودية للدعم والإسناد من طرف الولايات المتحدة بشكل أساسي.
- في مستقبل الحروب العسكرية لم يعد يعوّل كثيراً على القرب الجغرافي أو عديد الجنود، بقدر ما تعتمد على التقنيات الحديثة الذكية التي قللت من التدخّل للعنصر البشري بشكل مباشر.
- أثبتت الصواريخ الذكية والمسيّرات أنها قوة ضاربة هائلة يمكن لها إعادة السيطرة على الأوضاع بشكلٍ فعالٍ ومؤثر.
لم تنتهِ الحرب ولم تضع أوزارها بعد، فهناك ملفات ما زالت مفتوحة، وفي المقدمة منها ملف غزة، والملف الفلسطيني واليمني، ولا ننسى الملفين السوري واللبناني أيضاً، كما أن الأدوار قد تتغيّر في المنطقة ضمن سيناريوهات متشعبة، من تلك الخيارات إعادة النظر في الدور الإقليمي لإيران والكيان، بناء مشروع على شكل « مارشال» يعيد رسم المنطقة وفرض ما يدعى بقوة السلام. والأيام حبلى.