ميسر السردية تكتب: تعليلة دواس الظلمة

نبأ الأردن -
أوشكت تعليلة قصص "صدق أو لا تصدق" على الانقضاء، فلم يعد هناك إلا أصوات نباح كلاب من بعيد...
بعد أن شدت نفس الأرجيلة، قالت: "صلوا على رسول الله."
"عليه أفضل الصلاة والسلام."
"بتصدقوا؟ زمان، مات واحد من بلدنا، قرروا يدفنوه في قبر خال أمي... بيحكوا كانت المقبرة متروسة ترس... سنتها صار وباء وموت كثير بين الناس... احزروا شو لقوا بالقبر؟!"
"يا لطيف! شو لقوا؟!"
"لقوا الخال كامل مكمل زي يوم ما مات، لا متحلل ولا صاير عليه أي شي!"
"لا إله إلا الله... لا بد إنه كان من أهل الصلاح والفلاح..."
"ابصر شو كانت طبيعة شغل الخال، وشو مقدم لآخرته! سبحانك، ما أعظم شأنك!"
أمسكت بالملقط توازن به الجمرة فوق رأس الأرجيلة... حتى الفحم مغشوش، يا عالم.
"بصراحة، حسب ما حكت لي أمي، كان قطاع طرق..."
"يا لطيف... معقول؟! يعني بالمفتشي... الزلمة كان حرامي؟!"
"بعدين ربنا وحده العالم شو مقدم بينه وبين ربه."
"تعرفي؟ بيصير... يمكن كان ماشي على نهج صعاليك الجاهلية، عروة بن الورد والشنفرى مثلًا... أو روبن هود تبع الإنجليز."
"لا تحنثن الهرج... فكونا عاد!"
"تخيلوا لو أن كل الناس ظهرت على بعض حقيقتها! مثلًا لو قال شخص ما إن أحد أجداده العابرين كان عميلًا للاحتلال الروماني، أو جبانًا، أو فاسدًا وتاب لله، أو بخيلًا يحلب النملة."
طال الحديث شرقًا وغربًا، شلخنا وملخنا مشاهير الأمة... زحفت تكات الساعة دون أن نستشعر الوقت.
بدأنا نلملم شالاتنا وتلفوناتنا... طوت صديقتنا بربيش الأرجيلة بعد أن احترق رأسها، وقالت:
"للأسف يا حلوات، فاتكن خبر صار من يومين... بتعرفوا لأول مرة بحياتي بسمع شخص جريء جدًا... أحزرن مين؟!"
"مين؟!"
"أبو مازن..."
"ليش، شو عمل خزات العين عنه؟!"
"على الأقل حكى عن حاله: (أنا زعلطي)... بدكن أكثر من هيك صدق مع النفس والناس؟! في زعيم أو حتى داشر يتجرأ يقول اللي قاله الزلمة؟!"
"يا بيّ منك... بتموتي وتلقطي عليه لقطة..."
أرخت شفتيها وغمزت بعينها:
"بالعكس، أصلًا أنا محايدة الله وكيلك. لا من جماعة الأخضر، ولا الأصفر، ولا حتى الأحمر... يا الله نصص الليل."
انصرفنا، نفكر بقصة دواس الظلمة و نهفات" الزعلطية"عبر التاريخ ، وغدًا الذي ما يزال في علم علاّم الغيوب.