د. اسمهان ماجد الطاهر تكتب: الاقتصاد السياسي في الأردن: بين التحديات والفرص

نبأ الأردن -
في ظل التحديات السياسية في المنطقة، والتي بدورها تلقي بظلالها على الظروف الاقتصادية في الأردن، وتؤثر على قطاع حيوي في الاقتصاد الأردني وهو القطاع السياحي، باتت الحاجة ملحة إلى مراجعة شاملة للسياسات الاقتصادية ضمن رؤية الاقتصاد السياسي كضرورة لا خيارًا.
أن الوضع السياسي الذي يشهده الإقليم والاضطرابات، لها تاثير كبير فلا يمكن عزل الداخل الأردني عن بقية المنطقة، والتحديات والأزمات الراهنة يترتب عليها عواقب اقتصادية ومالية واجتماعية.
أن الصراعات في المنطقة تشكل تهديدًا مباشرًا للاقتصاد الأردني، حيث تؤثر الاضطرابات على حركة التجارة وتوريد السلع والبضائع، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار وزيادة تكاليف المعيشة.
إضافة لذلك يعتمد الأردن بشكل كبير على استيراد الطاقة، وتقلبات الأسعار العالمية، وارتفاع أسعار الطاقة يؤثر سلبًا على الاقتصاد ويؤدي أيضاً إلى ارتفاع تكاليف المعيشة بشكل كبير.
كما يعاني الأردن من شح المياه، وقلة الموارد الطبيعية.
كل تلك التحديات تواجه حكومة الدكتور جعفر حسان وعليها مواجهتها بشكل مباشر، ولم يعد بالإمكان فصل الاقتصاد عن السياقات السياسية التي تؤثر فيه وتتأثر به.
وبالتالي على الحكومة الأردنية الحالية أن تتبنى نهجًا للاقتصاد السياسي يراعي توازنات القوى الداخلية (مثل مطالب الشارع والطبقات الاجتماعية المختلفة) والعوامل الخارجية (مثل المساعدات الدولية، والضغوط الجيوسياسية). وذلك من خلال إعادة النظر في النموذج الاقتصادي القائم.
لا بدَّ من وضع خطة شاملة لمواجهة الأزمات الاقتصادية تبدأ بتوسيع قاعدة المشاركة في صنع القرار الاقتصادي، وتعزيز الشفافية والمساءلة.
لقد باتت المواءمة بين الإصلاحات الاقتصادية والوضع السياسي مهمة وحساسة للغاية.
وعلى حكومة الدكتور جعفر حسان إشراك القوى الاجتماعية المختلفة كالنقابات، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني في حوار وطني شامل حول مستقبل الاقتصاد الأردني.
ومن ذلك الحوار يتم وضع استراتيجية سياسية واقتصادية متكاملة جديدة، تستند إلى الواقع وتلبي تطلعات المواطنين، وتركز على تعزيز النمو، وجذب الاستثمارات، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وتعزيز دعم القطاعات الإنتاجية مثل الزراعة، والتكنولوجيا والصناعة، والسياحة.
فعلى الرغم من الظروف الحرجة، يمتلك الأردن مقوّمات يمكن توظيفها في بناء اقتصاد أكثر استدامة واستقرارًا، وخصوصا أن هناك عناصر قوة، حتما يمكن أن تسهم بشكل مباشر في خلق فرص، على رأسها الاستقرار الأمني مقارنة بدول الجوار الإقليمي.
وجود بنية تحتية متطورة للنظام المصرفي والمالي في الأردن، تشكل مصدر قوة.
اضافة إلى توفر طاقات شبابية متعلمة يمكن تسخيرها في الابتكار والتكنولوجيا.
إن الاقتصاد السياسي للأردن في هذه المرحلة ليس مجرد أرقام وموازنات، بل هو مشروع وطني يتطلب توافقًا سياسيًا واجتماعيًا حقيقيًا.
يجب تفعيل آليات الاقتصاد السياسي، وتحليل كيفية تأثير السياسات واللوائح والمؤسسات السياسية على الاقتصاد، من خلال دراسة العلاقة بين الظروف السياسية والنشاط الاقتصادي، وتوقع كيفية تأثير السياسية على الاقتصاد، مما يسمح بإجراء تعديلات استباقية.
الشعب الأردني ينتظر من حكومة جعفر حسان وضع رؤية مستقبلية جديدة، تعتمد على تحليل الاقتصاد السياسي، ووضع خطة وطنية تعزز الاستقرار والنمو الاقتصادي على المدى الطويل، بغض النظر عن التحولات السياسية.
الاقتصاد السياسي يفيد في توجيه القرارات المتعلقة بكيفية تخصيص الموارد بفعالية، والاستثمار في البنية التحتية والتعليم وغيرها من القطاعات الحيوية لدفع عجلة التنمية المستدامة.
الاقتصاد السياسي يمثل أولوية في وضع رؤى ثاقبة حول التفاعلات بين الدول والشركات والمنظمات الدولية، مما يساعد على التعامل مع التعقيدات الإقليمية والدولية، من خلال توجيه اتفاقيات التجارة والاستثمار الأجنبي والسياسات الاقتصادية الأخرى نحو الفرص المتاحة،بشروط مواتية للظروف الصعبة مما يؤدي إلى تلافي المخاطر المحتملة.
الاقتصاد السياسي ليس خيارًا فكريًا، بل هو ضرورة عملية للاقتصاد الأردني. وعلى الحكومة الأردنية بناء نموذج اقتصادي فعّال ومستدام، يضمن الاستقرار والتركيز على الخيارات المتاحة في ظل الظروف الراهنة، على أن يتبنى هذا النموذج مقاربة شاملة تُوازن بين الكفاءة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية.
المستقبل الاقتصادي للأردن لن يُبنى فقط في وزارة المالية، بل في التوافق الوطني، والقدرة على مواجهة الأزمات بفكر اقتصادي جديد يشارك كل الكفاءات الوطنية، ويحسن توجيه البوصلة نحو فرص جديدة واتفاقيات محتملة . حمى الله الأردن