ميسر السردية تكتب: الهليليّة

نبأ الأردن -
في الأفلام المصرية، ثمّة مشهدٌ شبهُ ثابتٍ، لا يكتمل الفرحُ إلا به، وكأنّه فريضة دراميّة على كلّ مخرج شعبي. يبدأ المشهد في منتصف الحفل، حين تكون الطبولُ على أشدّها، والدُّخان يملأ الأرجاء، و"العروسة ماشية في الهوا سابحة"، ثم فجأة... تنفجر اللحظة.
نظرةٌ عابرة، كفّ على الكتف، غمزة زائدة عن اللزوم، أو "واحد دوس على رجل التاني"... فيشتعل الحريق. لا تدري مَن يضرب مَن، الكلُّ ينخرط في المعركة. العريس والعروس يتركان الكوشة للانخراط ب"الهُليّله"، الكراسي تتطاير فوق الرؤوس، أرجيلة تُقذف كقنبلة، زجاجات البيرة تتناثر، قناوي تلمع، والمطاوي تخرج من تحت الجلابيب كأنها جزء من زينة الفرح.
النساء يولين هاربات وهنّ يصرخن: "يا لهوي!"، الأطفال يزحفون تحت الطاولات، وأحدهم يصرخ من زاوية ما: "حَأُتْلَك!"... ثم، كعادة السيناريو، تنقطع الكهرباء، ويغرق الفرح في ظلامٍ دامس، لا يُضيئه سوى الصريخ.
ويُختتم المشهد، كما يليق بكوميديا عبثية، في قسم الشرطة، حيث يجتمع الجميع: العرسان، الفِتوات، العوالم، وحتى "خال العروسة اللي كان نايم طول الفرح".
لكن، يبقى السؤال: لماذا يُحبّ هذا المشهد؟ لماذا يتكرّر كلّ مرة وكأنّه طقسٌ لا بدّ منه؟
هل لأنّه يختزل العبث الكامن تحت ستار الفرح؟
أم لأنّ الفوضى، حين تنفجر، تتيح للناس أن يصرخوا دون حرج، ويرموا الكراسي بدل الهموم؟
أم لعلّه ببساطة، مشهدٌ صادق... يُشبهنا أكثر ممّا نظن؟