زهدي جانبيك يكتب : من انا لأحكم؟

نبأ الأردن -
من اقوال الفيلسوف الدكتور البابا فرانسيس الاول: "Who am I to judge؟" من أنا لأحكم؟
مع اعلان وفاة الدكتور، البابا المصلح فرانسيس الاول فقيد الامتين المسيحية بكافة اطيافها، والمسلمين بكافة مذاهبهم...
تم تنكيس الاعلام
قرار الحكومة الاردنية بتنكيس الاعلام واعلان الحداد لمدة ثلاث أيام على البابا الدكتور فرانسيس الاول جاء بمكانه ويأتي كتعبير واضح وصريح على اهمية التعايش والسلم المجتمعي السائد في الاردن ، على الرغم من جلسة مجلس النواب أمس.
كيف لا ، وجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم هو الحاكم الوحيد في العالم الذي استقبل ثلاث بابوات في عهده على تراب الاردن الطاهر الذي انطلقت منه ثلاث مبادرات تهدف الى تعزيز الوفاق الديني وتحقيق الوئام بين مختلف العابدين لله الواحد، وهذه المبادرات هي: كلمة سواء... ورسالة عمان...واسبوع الوفاق بين الاديان...
وهذا ما شجع الدكتور البابا فرانسيس الاول ليوقَّع مع شيخ الأزهر أحمد الطيب وثيقة الأخوة الإنسانية في أبوظبي، لتعزيز الحوار بين الأديان.
ولعل وفاة البابا الفيلسوف المصلح لم يفرح لها احدا سوى اليهود الصهاينة ، نظرا لمواقف البابا فرانسيس السياسية والانسانية التي عرت الصهاينة وفضحتهم ...
ففي ديسمبر الماضي، قال البابا واصفا الصهاينة بالوحشية بسبب ما يجري في غزة:
«جرى قصف الأطفال... هذه وحشية، هذه ليست حرباً. أردت أن أقول ذلك لأنه يمس القلب».
وقد سبق ان قال في نهاية نوفمبر الماضي، إنّ:
«غطرسة الغزاة تسود على الحوار في فلسطين».
وفي مقتطفات من كتاب، نُشرت الشهر الماضي، قال:
إن بعض الخبراء الدوليين قالوا إن «ما يحدث في غزة يحمل خصائص الإبادة الجماعية».
وفي موعظته الاخيرة صباح عيد الفصح قال البابا:
"يتوجّه فكري إلى شعب غزة، ولا سيما إلى الجماعة المسيحية فيها، حيث ما يزال النزاع الرهيب يولِّد الموت والدمار، ويسبب وضعا إنسانيا مروّعا ومشينا"،
داعيا إلى "وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن، ومساعدة الشعب الذي يتضور جوعا ويتوق إلى مستقبل يسوده السلام".
رحيل هذه الشخصية الدينية الإصلاحية الفذة سيكون خسارة كبيرة لكل محبي السلام في العالم الذين يشتركون في الدعاء لقداسته بان يتحقق له في موته الخلود والسلام والوئام الذي كان ينادي به وكرس له حياته منذ صباه...
وأخيرا:
وعلى المستوى الشخصي، كنت قد التقيت الدكتور والفيلسوف البابا فرانسيس الاول مرتين، احداها في الفاتيكان حيث كان اللقاء كلام دون صور والآخر في عمان حيث كان اللقاء صورا من غير كلام...
خالص التعازي للأخوة الكاثوليك خصوصا، وللمسيحيين عموما، ولكل محب للسلام والوئام بوفاة البابا فرنسيس الذي كانت حياته قيمة مضافة للعالم. لقد لمس تعاطفه قلوب الملايين، وسيظل إرثه من الرحمة حيًا فقد أدهشنا تواضعه وحبه للفقراء وخدمته للمساكين.
يودعه العالم اليوم بحزن وهو يستَذَكَّرُ بِالْفَخْرِ رِسَالَته فِي الْمَحَبَّةِ وَالرَّحْمَةِ، وهم يعلمون ان: "الْحُزْنُ يُمْكِثُ لَيْلَةً، وَالْفَرَحُ يُصْبِحُ فَجْرًا.'* (مزمور 30: 5) وأَنَّ الرَّحِيلَ لَيْسَ نِهَايَةً، بَلْ بِدَايَةَ لِقَاءٍ أَجْمَلَ.
وَسَيَمْسَحُ اللهُ كُلَّ دَمْعَةٍ مِنْ عُيُونِهِمْ (رؤيا 21: 4)