وليد حسني يكتب : حين منح العرموطي حق اللجوء السياسي لـ "قطة"
نبأ الأردن -
كان الوقت مساء وقاعة الرشيد في مجمع النقابات مزدحمة عن آخرها بمناسبة سياسية قبل أكثر من 25 سنة وكانت تتعلق بمناصرة الشعب العراقي وصموده في وجه الحصار.
ومن ذاكرتي فقد كان نقيب المحامين صالح العرموطي رئيس لمجلس النقباء وكان يترأس الجلسة أمام الجمهور المحتشد الذي ضاقت القاعة بهم فوقفوا خارج القاعة بالعشرات.
وسط الخطابات والزحام تسللت قطة الى القاعة، وأخذت طريقها الى خشبة المسرح وسط ملاحظة الجمهور، لحظتها ابتدر العرموطي المايك وطلب من موظفي المجلس إخراجها سريعا.
أعجبني المشهد تماما خاصة وهم يحاولون الإمساك بها على خشبة المسرح قبل أن تنجح وتهرب الى الخارج. فتركت مجلسي وخرجت خلفهم أتابع ما يجري وما ستؤدي اليه تلك المطاردة التي امتدت نحو عشر دقائق قبل ان يتمكن موظفو المجمع من الامساك بها وحشرها في كيس بلاستيكي أسود وتخلصوا منها برميها خارج أسوار المجمع.
عدت للجريدة في اليوم التالي ونشرت عن تلك القصة في جريدة المجد، وتحت عنوان" النقابات ترفض منح اللجوء السياسي لقطة "، يومها ضحك العرموطي كثيرا وقال لي" سنمنحها حق اللجوء السياسي والإجتماعي" وظننتها مزحة من الأستاذ، لكنني فوجئت بكتاب رسمي من مجلس النقباء موجه لجميع موظفي مجمع النقابات المهنية يدعوهم لمنح كل القطط التي تتخذ من المجمع مكان اقامة ومعيشة لها كل درجات الحماية والرعاية وعدم التعرض لها سواء بالطرد او المطاردة او أية محاولة للتخلص منها.
كان الكتاب موقعا باسم رئيس مجلس النقباء نقيب المحامين صالح العرموطي..
حتى اليوم لم ينسى الأستاذ العرموطي تلك القصة ولم يزل يذكرني بها ضاحكا كلما التقينا وكأن الحكاية كلها حدثت الآن ولم يمر عليها نحو 25 سنة.
هذه قصة واحدة من أقاصيص ومواقف كنت فيها الصحفي الشاهد على إنسانية ورجولة ونقاء الأستاذ صالح العرموطي الذي كان ولم يزل صوت الحق الصادح في البرية دفعا عن الأردن وأمته العربية .
في بغداد قدم انتقادات شديدة ومباشرة لنائب الرئيس العراقي آنذاك المرحوم وفي دمشق قال ما لم يقله أحدلنائب الرئيس السوري آنذاك عبد الله الأحمر سنة 2002 وفي بيروت وفي قصر بعبدا وبدون أية دبلوماسية قال للرئيس اللبناني اميل لحود ما لم يحب سماعه في حياته عن أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وفي مقر حزب الله في حارة حريك اشتبك مع المرحوم السيد حسن نصر الله حول موقف حزبه من احتلال العراق وأنه يؤيد احتلال بغداد.
في تلك الفترة في الثاني من أيلول 2002 كانت طبول الحرب والعدوان على العراق تقرع من كل حدب وصوب، وفي كل تلك اللقاءات التي حضرتها كان صوت الاستاذ العرموطي صارخا ومحذرا وداعيا للديمقراطية ولاحترام حقوق الانسان، ودعم العراق في مواجهته المرتقبة مع واشنطن.
أذكر أنني نشرت في جريدة"المجد " كل ما تضمنته تلك اللقاءات، الى جانب الزميل الأستاذ يسام بدارين" القدس العربي " الى جانب الاستاذ محمد سويدان "العرب اليوم " والأستاذ طارق ديلواني"السبيل " وغيرهم.
أما عن مواقفه الداخلية فحدث ولا حرج، وسيضيق المجال بها هنا ، ولعل أشهرها إبان حكومة علي ابو الراغب وتعطيل البرلمان، والقوانين المؤقتة وافتعاله مواجهة وصلت لحد كسر العظم مع النقابات المهنية، والاجتماع الذي جمع النقباء مع ابو الراغب ومشاركة جلالة الملك عبد الله الثاني بجزء منه والذي تحول لإجتماع عاصف التقطتُ كامل تفاصيله ونشرته كاملا في جريدة" الإتجاه"..
كل هذا الحديث لا يعني أحدا حتى الأستاذ العرموطي نفسه، لكنه يعنيني أنا وحدي فهو شهادتي الشخصية بدون أية تفاصيل بحق رجل شجاع ووطني مخلص يستحق منا التقدير والإحترام.
تلك شهادتي الشخصية أكتبها لنفسي وليست لأحد، وهي شهادة صحفي لم يزل يرعى ضميره بالكثير من الصبر واليقين..

























