ميسر السردية تكتب: "نبش قبر و دفن أمة"

{title}
نبأ الأردن -


يقول  المناضل الدكتور عبد الرحمن الشهبندر في مذكراته: عام 1922، عاد المستر "كراين"، عضو لجنة "كينغ-كراين" الشهيرة، إلى دمشق لاستطلاع الآراء مرة أخرى، ومعرفة ما إذا حصل تغيير في رؤية الناس عقب عام 1919، حيث صدر آنذاك تقرير اللجنة حول المستقبل السياسي للمنطقة.

جمع الشهبندر ثُلَّة من الأعيان على مختلف مشاربهم للاجتماع مع "كراين"، بعد أن وافقوا على حصر مطالبهم في ثلاث نقاط، هي: الاستقلال التام، وحدة سورية العربية، وترك الخلافة في بني عثمان، مع عدم التوافق التام على النقطة الأخيرة.

عندما بدأ الاجتماع، سأل "كراين" المجتمعين عن صحتهم، وهل لا يزالون على الآراء التي أطلَعوه عليها عام 1919. فقام وافتتح باب الحديث شيخٌ مشهور في دمشق، وهو الشيخ أحمد أفندي الصاحب، شيخ الطريقة النقشبندية، الذي أخرج من جيبه أوراقًا، فقرأناها، فإذا هي وثائق رسمية تتحدث عن التشكي من أمرٍ فظيعٍ حدث في مقبرة البرامكة المشهورة، حيث دُفن كلبٌ لضابطٍ فرنسيٍّ في قبرِ أحد أئمة المسلمين، وبُنيت مراحيض للجنود السنغاليين.

فتأثر المستر "كراين" أيما تأثر، ثم أمر مرافقه بتدوين هذه الملاحظة في مذكراته.
من حقك أن تقول: "وما لنا ولهذه القصة التي نبشتيها من بطن مئة سنة ونيف؟! إحنا وين، وإنتِ وين؟!"
من حقك طبعًا الاستغراب، إن لم تكن تتابع خطب المنابر في مختلف البقاع العربية والإسلامية يوم الجمعة، وتلاحق طبيعة أسئلة الفتاوى التي تُشغل من يعتقدون أن التشبث بطرف جلباب الخطيب هو مفتاح الجنة.

ومن حقك أن تتساءل، إن لم تكن تتابع منصات المشايخ على اليوتيوب، واهتماماتهم في حرف "الفانز" من جموع الدهماء، في وقت تُستباح فيه الأمة من غربها إلى شرقها، وتتطاير أشلاء الناس في الهواء أمام أعينهم، بل يكاد الدم يُلطّخ سواد الوجوه، وتُحاصر وتُجوّع، ويُجتثّ الشجر والحجر، ويُذبح الإنسان على هويته الموروثة، وعلى ما لا دخل له فيه، ولا حول ولا قوة  به.

...إذن  من حقي نبش المقبرة كأولوية، لاستخراج جثة الكلب  التي ماتزال ساخنة تنبض ودفن كل أمل في هذه الأمة .
تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير