نشأت الحلبي يكتب : والدي "العسكري" .. ومنتخب العراق

{title}
نبأ الأردن -


كان أبي، رحمه الله، مُحباً لكرة القدم .. 
أحياناً كان يأتي مسرعاً من المعسكر إلى المنزل، ويطلب منا أن نرتدي ملابسنا على عجل لنذهب لحضور مباراة، لم نكن نعلم عنها مسبقاً .. 
نُلملم أنفسنا من "الشارع" ونقطع "اللعب"، ونرتدي ملابسنا مُسرعين، بِفرحة لا تسعها "الدنيا" ..
تلك ليست مجرد "حدث عادي"، إنها رحلة إلى ستاد عمان الدولي ..
كنا بالعادة ننتظر والدي على جانب "الشارع الرئيسي" في الرصيفة، نترقب سيارة "الكونتنتال" العسكرية ذات "الإشارة" الزرقاء، التي تُقل جنود سلاح الهندسة الملكي حيث كان "يخدم" أبي ..
"جيئاته" المفاجئة تلك كان وراؤها دائماً حدثٌ "جم" .. 
على الصعيد المحلي، كان أبي يشجع "الرمثا" .. 
على الصعيد العربي، كان يعشق العراق .. 
اليوم، وفي الطريق إلى ستاد عمان، علمت واخوتي أن المباراة بين الأردن والعراق .. 
نظرت إلى أبي بحزن، فذلك صراع "كروي" بين بُطين قلبه الأيمن، والبُطين الأيسر!
يا له من يوم صعب على أبي، فكأن الأردن يواجه الأردن!
تخيلوا ..!
جهدت كثيراً لأعرف "سر" محبة هذا العسكري الأردني، للعراق!
لم يكن أبي بعثياً ..
ولا ناصرياً .. 
ولا شيوعياً ..
ولا يسارياً .. ولا "غيره" ..
لم يكن إلا أردنياً، محباً للعراق، فقط .. 
هذا هو توجهه "السياسي" .. الحب، ولا شئ غيره .. 
كان أبي متيماً بحارس مرمى منتخب العراق، رعد حموده، حتى أنه أطلق اسم "أبو رعد" على شقيقي الأصغر مني، والأقرب إلى قلبه، حتى قبل أن يتزوج ..
بين الهدف والهدف، كان يخفق قلب أبي، بل يَتَقَطّع بين الأردن والعراق حتى أنني كنت أشفق عليه .. 
أحسب أنه كان يتمنى دوماً أن تنتهي مباريات الأردن والعراق بـ "التعادل"!
ولا ألومه ..
هكذا عرفنا العراق في الملعب، وهكذا أحببناه على طريقة "والدي" وليس على طريقة أي "سياسي"، فلا تفسير لها، ولا مصلحة ترتبط بها، ولا شك ولا ريبة .. 
عرفنا العراق مِن خفقات قلب والدي، بأنه يعني حباً، فقط .. 
مناسبة هذه "الذكريات" لأنني أردت أن أقول : بين الأردن والعراق، إحذروا الأيادي الخبيثة واللئيمة التي تريد إشعال نارٍ بين شعبين لم يكونا يوماً إلا نَفَساً واحداً في رئة واحدة، فلا تعطوهم فرصة "قطع النَّفَس"!
تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير